دانت حركة «حماس» ما وصفته ب «المجزرة» التي ارتكبها الحرس الجمهوري المصري فجر أمس أمام مقره في القاهرة، فيما دعا قيادي فلسطيني معارض بارز إلى «انتفاضة شعبية» ضد حركتي «فتح» و «حماس» إثر عزل الرئيس محمد مرسي. وقال مسؤول في «حماس» في بيان أرسله مكتبها الإعلامي ل «الحياة» إن الحركة «تُدين المجزرة التي راح ضحيتها عشرات المدنيين من المصريين المسالمين فجر هذا اليوم (أمس)، وتعبِّر عن ألمها وحزنها الشَّديدين على سقوط هؤلاء الضحايا». ودعت إلى «حقن دماء الشعب المصري العزيز»، وتوجهت «بالتعزية الخالصة لعائلات الضحايا». وقال عضو المكتب السياسي ل «حماس» عزت الرشق على حسابه على «فايسبوك»، إن «الحركة تعبر عن ألمها وحزنها الشديدين على سقوط هؤلاء الضحايا، وتدعو إلى حقن دماء الشعب المصري العزيز». كما نفت «حماس» بياناً نُسب إلى الحركة في بعض وسائل الإعلام المصرية في شأن مجريات الأحداث في مصر التي أعقبت عزل مرسي المنتمي إلى جماعة «الإخوان المسلمين». وقالت في بيان ليل الأحد - الاثنين إنها «تؤكد أن هذا البيان لم يصدر عنها». وكانت صحيفة «اليوم السابع» المصرية نشرت خبراً أول من أمس قالت فيه إن «حماس في قطاع غزة أصدرت بياناً الأحد تدعو فيه مؤيدي مرسي إلى التحلي بالصبر»، معتبرة أن «ما حدث من إعلان لخريطة مستقبل من جانب القوات المسلحة (المصرية) ما هو إلا جولة من جولات الحق والباطل». «الشعبية» من جهتها، اعتبرت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» أن «ما حدث في مصر يفتح الآفاق لتغيير يُعيد مصر إلى دورها ومكانتها الريادية في المنطقة»، واصفة عزل مرسي بأنه «بمثابة انتصار لإرادة الشعب مصدر السلطات والشرعية». ورأت «الشعبية» في بيان أول من أمس أنه «لا مستقبل لمن يخذل شعبه ويرهنه للأجندات الحزبية الضيقة»، متمنية «استقرار الأوضاع في مصر بسرعة حتى تستكمل الثورة أهدافها الوطنية والديموقراطية». وهنأت الرئيس الموقت عدلي منصور، متمنية أن «يعبر بالشعب المصري وثورته إلى بر الأمان». ودعت أطياف الشعب المصري وقواه السياسية إلى «التوحد من أجل مصلحة مصر ووحدتها وتهيئة الأجواء المناسبة لإجراء الانتخابات التي تضمن مشاركة الجميع، والعمل على إصدار دستور جديد يعبر عن كل أطياف شعب مصر العظيم بعيداً من الاستئثار والهيمنة والتفرد». واعتبرت أن «خطة طريق المستقبل في مصر تتطلب من الجميع وضع مصلحة مصر فوق كل الاعتبارات، والبدء في عملية النهوض الديموقراطي والتنمية، وتطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية التي لن تتحقق إلا بوحدة الشعب المصري كله». وأعربت «الشعبية» عن أملها «بعودة مصر سريعاً إلى دورها العربي والريادي القومي والدولي، ومساندتها ودعمها قضية الشعب الفلسطيني، وعودتها إلى المشهد من جديد في كل المحافل كقوة عربية إقليمية مؤثرة». وشددت على أن «حرية فلسطين والانتصار لقضايا شعوبنا العربية لن يتم إلا بمصر قوية ومستقرة قادرة على مواجهة التحديات الوطنية والقومية». «انتفاضة شعبية» بدوره، توقع عضو المكتب السياسي ل «الجبهة الشعبية» الدكتور رباح مهنا أن «يثور» الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة في نهاية المطاف «لأسباب عدة أولها تحقيق المصالحة والوحدة الوطنية، وثانيها ضمان حريته الديموقراطية وأمانه الاجتماعي في ظل الأوضاع السائدة حالياً بين شطري الوطن». وقال في تصريح إن «عوامل الانتفاضة ودوافعها في وجه الحاكم متوافرة حالياً، وأساسها يتمثل في عدم إنهاء الانقسام وعدم استجابة فتح وحماس لمطالب الشعب الفلسطيني بالتوحد وتحقيق المصالحة، وعدم وجود حرية ديموقراطية، لذا الشعب الآن مدعو إلى التحرك في انتفاضة جماهيرية ضد الحكم في الضفة وقطاع غزة». وقال إن العلاقات الفلسطينية - المصرية «يشوبها بعض المشاكل»، وإن الشعب المصري «أصيل في دعم الشعب الفلسطيني، وأي نظام مصري جديد سيأتي إلى سدة الحكم لن يبخل في دعم القضية الفلسطينية، خصوصا قطاع غزة». وعبر عن دعمه «ما يريده الشعب المصري وخياراته، ولا نتدخل في شؤونه»، متمنياً من القوى المصرية أن «تنأى بالقضية الفلسطينية عن الشأن الداخلي المصري لأن الشعب الفلسطيني لا نية لديه بالتدخل في الشأن المصري». واعتبر أن «ما يجري في مصر حالياً يؤثر في قطاع غزة، وأية تغييرات فيها ينعكس على مجمل الأوضاع في القطاع، وعدم الاستقرار في مصر يضر بالشعب الفلسطيني في غزة». معبر رفح من جهة أخرى، قال مصدر قيادي رفيع في «حماس» إن عزل مرسي لم ينعكس على الحركة سلباً، مضيفاً أن سياسات الحركة لم تتغير ولم تتبدل، سواء في عهد الرئيس السابق حسني مبارك أو خلال إدارة المجلس العسكري للحكم في مصر. وأوضح: «وقعنا على ورقة المصالحة المصرية في عهد المجلس العسكري وليس في عهد مرسي»، لافتاً إلى أنه أشاد برئيس الاستخبارات السابق الراحل عمر سليمان وبالجهود التي بذلها من أجل إنجاز المصالحة الفلسطينية. وأوضح أن الطاقم المصري المسؤول عن الملف الفلسطيني الذي يديره والمسؤول عنه لم يتغير منذ عهد مبارك، مشدداً على أن «حماس لم تغير ولن تغير سياساتها». وعلى صعيد الإجراء الذي اتخذته السلطات المصرية بإغلاق معبر رفح عقب عزل مرسي، أجاب: «تم اتخاذ قرار بإغلاق معبر رفح نظراً إلى أسباب أمنية بحتة»، موضحاً أن الموظفين الذين يعملون في المعبر (رفح) يخشون من التوجه إلى أعمالهم هناك نظراً إلى سوء الأوضاع الأمنية في سيناء. وأضاف: «حصلنا على تطمينات من السلطات المصرية ومن خلال اتصالات مباشرة، بأن الأمور في مصر لن تتغير بالنسبة إلينا»، معرباً عن استنكاره الشديد للاتهامات الموجهة إلى «حماس» بأنها تساند الحركات الجهادية التي تهاجم الجيش المصري هناك. وقال: «مصلحة قطاع غزة بأكمله، بما فيه حماس، تتطلب استقرار الوضع في سيناء واسترداد الهدوء فيها»، واصفاً سيناء بأنها «عنق الزجاجة بالنسبة إلى غزة». وقال: «إغلاق سيناء خنق لسكان غزة»، مؤكداً أن الاضطرابات الأمنية هناك تسبب أضراراً بالغة لسائر قطاع غزة. وتساءل مستنكراً: «هل يعقل أن نقدم على عمل من شأنه أن يجلب لنا الضرر ويؤذينا؟». وكشف سوء العلاقة بين «حماس» والسلفيين بسبب ملاحقتنا الجهاديين وقتل بعضهم، وقال: «إنهم يتهموننا بضرب السلفيين»، موضحاً أن «حماس تحارب التطرف وترفض أخذ القانون باليد». وتابع: «لسنا ضد مصر». وعلى صعيد التسريبات التي تردد خلالها بأن «حماس» ضالعة في حادث رفح الذي تم خلاله قتل الجنود المصريين في آب (أغسطس) الماضي، أجاب: «هذا كلام فاضي لا يستحق الرد عليه لأنه مختلق من أساسه»، مضيفاً أن «مرتكبي هذا الحادث الإجرامي المروع قتلتهم الصاعقة المصرية في بئر العبد، وكذلك من الجانب الإسرائيلي عند معبر العوجة». ولفت إلى أنه «لم يتبقَّ منهم سوى شخص واحد... وهو معتقل الآن لدى السلطات المصرية». وشدد على أن «حماس» لا يمكن أن توجه سلاحها ضد مصر، وقال: «لم نطلق رصاصة واحدة خارج الحدود الفلسطينية، وهذه استراتيجية عملنا أنه لا عمل مسلحاً خارج الأراضي الفلسطينية». وتابع: «على رغم الاغتيالات التي تعرضت لها قيادات حماس من الخارج، مثل اغتيال القيادي محمود المبحوح في دبي، ومحاولة اغتيال الأخ خالد مشعل في الأردن وغيرهما، إلا أننا لم نرد على العدو إلا داخل الوطن».