قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنه يأمل بأن يحمل وزير الخارجية الأميركي جون كيري معه حين يعود الى المنطقة بعد أسبوع أو 10 أيام «ما يساعدنا على العودة الى طاولة المفاوضات حيث ستكون البداية، ولا يعني أننا سنحقق كل شيء لكننا سنناضل لتحقيق أهدافنا الوطنية، وعلى رأسها قضية القدس وهي أمر لا نفرط به لأنه إذا لم تكن عاصمة دولة فلسطين لن يكون هناك أي حل». وتحدث عباس أمام جمع من الصحافيين اللبنانيين والعرب ليل أول من أمس بدعوة من سفارة فلسطين في بيروت، فكرر أمامهم ما سبق أن أعلنه خلال محادثاته مع كبار المسؤولين اللبنانيين وقبل الزيارة عن قراره عدم التدخل الفلسطيني في الشؤون اللبنانية الداخلية وفي شؤون سائر الدول العربية عندما تكرر السؤال حول رؤيته لما يحدث في مصر فقال: «لا نتدخل، طبعاً نحن نتأثر كبشر وعرب، لكن مصلحتنا الأساسية أن نقول اتركونا بحالنا. لا نريد أن نكون هنا وهناك. لنا تاريخ في ذلك، لا نرى أن نعود اليه حتى لا نضيف مشاكل لأنفسنا. وتنذكر ما تنعاد». ونفى عباس أن يكون الفلسطينيون اشتركوا في الاشتباكات الأخيرة في صيدا وقال: «حي التعمير في عين الحلوة (حصلت فيه اشتباكات مع الجيش) هو خارج المخيم». وجدد التأكيد «أننا تحت سقف القانون في لبنان. ولن نكرر تجربة الوقوف مع هذا ضد ذاك. ولا نبدي رأينا في ما يحصل في الدول العربية ولدينا حوارات مع الرؤساء في لبنان لأن العلاقات مبنية على أسس سليمة وأمورنا تسير من حسن الى أحسن والتعاون سيتوثق أكثر فأكثر ونأمل بألا تطول ضيافتنا في لبنان». وعندما سئل عن إمكان وجود الشيخ أحمد الأسير في مخيم عين الحلوة أجاب: «أنا أمون على المنظمات والسلاح المنضوي تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية. هناك أناس آخرون في المخيمات من فلسطينيين وجنسيات أخرى، من مصريين وسوريين وكويتيين وحتى شيشانيين... وإذا كان الأسير ذهب الى هنا أو هناك فأنا قلت لا تسمحوا لأحد أن يدخل». وعن سبب عدم لقائه الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله، قال: «لم يحصل أن قالوا لي إنه يريد لقائي. وليس لي تحفظ على أحد. وأنا لا مشكلة لدي وأستطيع أن ألتقي من أريد وكائناً من كان». وفي رده على سيل من الأسئلة حرص عباس عل التأكيد أن «لا شأن لنا في القتال في القصير أو غيرها أو في المقاومة من لبنان». وأضاف: «ما قيمة السلاح في المخيمات؟ وماذا يفعل هذا السلاح؟ نحن لا دخل لنا في ما يحصل هنا. نحن نتحدث عن المقاومة الشعبية السلمية على أرضنا. وهذا عليه إجماع. وكان مبرراً حمل السلاح حين كانت لدينا مقاومة مسلحة ولم يعد لدينا مقاومة كهذه، وإذا كانت الحكومة اللبنانية لا تريد سلاحاً خارج المخيمات وتريد ضبطه داخلها فهذا حقها...». وفي النقاش الذي دار حول المفاوضات مع إسرائيل، والمطالبة الدولية والإسرائيلية بأن تبدأ من دون شروط، قال عباس: «دلوني على تنازل واحد قدمناه، وحين نطرح مطلب الدولة الفلسطينية على أراضي 1967 فهذا ليس شرطاً، بل هو موجود في كل وثائق الأممالمتحدة، واعتبارنا كل الاستيطان الذي حصل بعد عام 67 غير شرعي يستند الى 13 قراراً صادراً عن مجلس الأمن تدين الاستيطان وتعتبره غير شرعي، فضلاً عن أن الرئيس الأميركي باراك أوباما رفض الاستيطان وحتى النمو الطبيعي للمستوطنات». وأضاف: «خلال ال 20 سنة الماضية لم نتفاوض مع الإسرائيليين إلا لسنة و8 أشهر، آخرها 8 أشهر من التفاوض مع (رئيس الحكومة السابق إيهود) أولمرت وكدنا نصل الى نتائج نهائية ثم سقط أولمرت. ومما اتفقنا عليه أنه إذا حصلت مبادلة فإذا أخذوا سنتمتراً واحداً من الأرض نأخذ مثله وبقيمته». وفي نفيه تقديم التنازلات قال: «أتحدى إن كان فرض علينا شيء. ذهبنا الى الأممالمتحدة لنحقق أهدافنا، ومن بينها أن الأراضي الفلسطينية بدلاً من أن تكون متنازعاً عليها تصبح أرضاً محتلة بعضويتنا في الأممالمتحدة. وأنا قلت للقيادة إن هذه الخطوة ستؤدي الى معاقبتنا اقتصادياً وصوتوا مع الذهاب للأمم المتحدة». وشرح عباس مبررات رفضه رفع شعار المقاومة المسلحة بالقول: «أنا لن أرفع شعاراً وأدمّر بنتيجته بلدي. لن أقبل بأن يطلق صاروخ من عندنا ليردوا فيدمروا ما لدينا. جربناها وآخرها الانتفاضة الثانية التي أدت الى تدمير كل شيء، ثم حرب 2007 و2009. وكانت النتيجة أن مصر رعت اتفاقاً للتهدئة بين حماس وإسرائيل يعتبر الأعمال المسلحة أعمالاً عدائية. خيارنا المقاومة الشعبية السلمية، وانظروا ماذا يحصل في باب الشمس، حيث التظاهرات تعم الأراضي لإعادة بناء البيوت التي يهدمها الاحتلال، فينصبون الخيم مكانها ويأتي الإسرائيليون لقمعها فتعود في مناطق أخرى... هناك مقاومة مدنية». ورفض الرئيس الفلسطيني العودة الى خيار الدولة الواحدة (الإسرائيلية على أساس نظام أبارتهايد) التي يطرحها بعض اليهود الأميركيين الذين فقدوا الأمل بإمكان تحقيق القيادة الإسرائيلية حل الدولتين، قائلاً: «لا نرى بديلاً لرؤيتنا لحل الدولتين على رغم أن بعض الأصوات في الجيل الفلسطيني الجديد تطالب بدولة واحدة ما دامت هناك دولة إسرائيلية...». وتحدث عن تقصير فلسطيني وعربي في بناء الصلات مع الجالية اليهودية المنتشرة في أميركا مذكراً باجتماعه مع اللوبي اليهودي في أميركا (آيباك) وقال: «بعضهم أخذ يتفهم وجهة نظرنا. وبعد أن حاورتهم 3 ساعات شكلوا وفداً لمقابلة أوباما وسالوه: وجدنا أن هناك شريكاً فلسطينياً للسلام، فهل هناك شريك إسرائيلي؟ التحدث مع هؤلاء هو مع أميركيين، وهم لا يسمعون إلا صوت نتانياهو». وكشف أنه في أول مرة قرر مقابلة «آيباك» نصحته الإدارة الأميركية بألا يفعل لكنه أصر على ذلك وكانت النتيجة إيجابية. واستعاد عباس موضوع المصالحة مع «حماس»، مشدداً على «أن استكمالها مرتبط بإجراء الانتخابات، فإذا وافقت حماس نحن جاهزون خلال 3 أشهر، ومعروف أنها ستكون نزيهة لا لبس فيها، وهذا ينهي الانقسام». وقال: «أنا انتهت ولايتي والانتخابات يجب أن تحصل أمس قبل اليوم وهذا ما ينهي الانقسام». وذكّر بأن الاتفاق مع «حماس» والذي أذاعه (رئيس المكتب السياسي فيها) خالد مشعل بصوته، نصَّ على أن تتشكل حكومة انتخابات برئاستي بناء لطلب «حماس» نفسها، على أن تكون من تكنوقراط مستقلين، وعلى المقاومة السلمية الشعبية وعلى الذهاب إلى الأممالمتحدة والتفاوض. وإذا وافقوا على الانتخابات أشكلها فوراً. نحن لا نؤمن بسياسة الإقصاء ونريد أن يسمع العالم صوتاً واحداً هو صوت فلسطين ونؤمن بالديموقراطية فلماذا لا نجري الانتخابات؟». وقال إن الربيع العربي أثر كثيراً على القضية الفلسطينية، فدوله انكفأت على نفسها بحثاً عن حلول، ولا ننكر أن هذا أثر علينا، وأقر بأن علاقات «حماس» تأثرت بتغييرات الربيع العربي.