وجهت أمانة الأحساء والمجلس البلدي فيها، انتقادات «حادة» إلى إحدى الشركات التي تعاقدت معها لاستثمار جبل القارة. واتهمت الأمانة، الشركة (تحتفظ «الحياة» باسمها) ب«المماطلة» و«إهداء مقومات المنطقة»، ملوحة بسحب المشروع من الشركة، التي دفعت 3.4 مليون ريال، في مقابل استثمار الجبل مدة 20 عاماً. وعلى رغم مضي نحو ثمانية أعوام فإن المشروع لم ير النور. كما جدد المجلس البلدي مطالباته بفسخ عقد استثمار جبل القارة مع الشركة المستثمرة «لعدم تنفيذ بنود العقد الموقع معها»، مؤكداً أن «الشركة لم تنفذ سوى جزء من القسم الخارجي بعد ثمانية أعوام من الاتفاق معها»، لافتاً إلى «شكوك حول كفاءتها الفنية والتنفيذية، وإهدار مقومات هذا الموقع الفريد». وأوضح المجلس، أن «الاتفاق مع الشركة جاء في ضوء مساعي أمانة الأحساء لتحسين بعض المواقع حول الجبل وتحسين مدخله، نظراً لإلى أن الجبل تتبعه مواقع لا تقل أهمية عنه من ناحية التكوينات الجميلة والرائعة، منها رأس القارة، وهو قمة صخرية وسط بلدة القارة، كذلك جبل أبوجيص، وكلها مواقع أكدت الدراسات الاستثمارية جدواها في الجوانب السياحية، وطالبت باستغلالها في شكل أمثل». بدوره، أكد أمين الأحساء المهندس عادل الملحم، في تصريح إلى «الحياة» عدم رضائه عن «إهدار استغلال مقومات المنطقة». كما أبدى استياءه «الشديد من مماطلة الشركة في الوفاء ببنود العقد»، موضحاً أنه قام بتوجيه خطاب محافظ الأحساء بدر بن جلوي، بخصوص هذا الشأن. فيما أشار نائب أمين الأحساء للاستثمار عبداللطيف العرفج، إلى أن الأمانة قامت بتوجيه «خطابات عدة إلى الشركة، طالبة معرفة موعد الانتهاء من التجهيزات والإنشاءات، وتسليم الموقع. وتلقينا أكثر من ثلاثة وعود، آخرها في شوال الماضي، لكنها مجرد وعود من دون فعل». وعبَّر عن دهشة الأمانة من «مماطلة الشركة في تنفيذ بنود الاتفاق». وذكر رئيس المجلس البلدي في الأحساء ناهض الجبر، أن الأمانة اتفقت مع الشركة، من خلال عقد تأجير أبرم أواخر عام 1427ه، لتطوير منطقة جبل القارة، الواقعة على مساحة مليوني متر مربع، بمثابة مرفق سياحي ترفيهي، واستثماره 20 عاماً، في مقابل 3.4 مليون ريال، لإنشاء وصيانة وتشغيل المرافق السياحية والترفيهية بجبل القارة، وتحويلها إلى أعجوبة سياحية فريدة من نوعها». واستدرك الجبر، في تصريح إلى «الحياة»: «إن شيئاً من هذا لم يتحقق، فعلى مدار أكثر من ثمانية أعوام ما زالت الشركة تماطل وتماطل، ما يعد هدراً للمقومات السياحية في جبل القارة، ولسبل استثمارها على الوجه الصحيح»، ملمحاً إلى أن مستوى أداء وتفاعل الشركة «لم يكن على قدر المسؤولية». وتساءل عن الفترة الماضية التي امتدت أكثر من ثمانية أعوام، والتي «لم يستفد من المواطن والزائر من توقيع عقد تطويرها، وبعد ستة أعوام من التصريحات مايزال الأمر مكانك سر. فلم تُتخذ أية خطوات إيجابية من المستثمر نحو تنفيذ بنود العقد، ومنها أن مدة التجهيز والإنشاء البالغة 12 شهراً، وهى تعادل خمسة في المئة من المدة المحددة في المادة الرابعة من العقد، والتي تعتبر فترة زمنية من أصل مدة العقد غير مدفوعة الإيجار». يُذكر أن جبل القارة يعتبر من أبرز المعالم السياحية الطبيعية في الأحساء، وعُرف منذ تاريخ قديم ب«جبل الشبعان». ويبعد عن مدينة الهفوف عاصمة الأحساء نحو 15 كيلومتراً شرقاً. ويقع وسط الواحة الخضراء الممتلئة بأشجار النخيل الباسقة بين أربع قرى هي: القارة، والتويثير، والدالوة، والتهيمية. ويحتل الجبل مساحة كبيرة، إذ تبلغ مساحة قاعدته نحو 14 كيلومتراً مربعاً، (1400 هكتار). ويتكون من صخور رسوبية بلون ضارب إلى الحمرة. إضافة إلى تميزه عن الطقس السائد خارج الجبل، فهذه الكهوف باردة صيفاً، ودافئة شتاء. الشركة لا ترد وحاولت «الحياة» الحصول على إيضاحات من مسؤولين في الشركة المتعاقدة مع أمانة الأحساء، عن تأخر تنفيذ المشروع التطويري السياحي التاريخي لجبل القارة. إلا أنها لم تتلق رداً. بيد أن مصادر عزت التأخير إلى تنفيذ الشركة جوانب تطويرية إضافية إلى المشروع في الجانبين التاريخي والثقافي». وذكرت أن «الشركة تنتظر من أمانة الأحساء تذليل بعض العقبات البسيطة، لأن المشروع في حاجة إلى حل بعض التعارضات، التي أعاقت العمل». وتبلغ كلفة المشروع المقدم من الشركة خلال التعاقد، نحو مليوني ريال. ويتضمن تقديم الخدمات الأساسية وتهيئة المغارة الرئيسة، ما استدعى من الشركة عمل كثير من الدراسات والبحوث العلمية، لتعزيز المشروع بإضافة عناصر تاريخية وتطويرية، ليصل إجمالي الاستثمار في هذه المرحلة إلى 60 مليون ريال. وصرفت الشركة المشرفة على تنفيذ المشروع إلى الآن نحو 50 مليون ريال. ويشمل المشروع مبنيين متكاملين، مساحتهما تفوق أربعة آلاف متر مربع، بثلاثة أدوار، إضافة إلى المرافق والجلسات الخارجية. البوعلي: الشركة «تقاعست»... والحويل: تفتقد الملاءة المالية أوضح نائب رئيس المجلس البلدي في الأحساء الدكتور أحمد البوعلي، أن «المجلس البلدي زار جبل القارة أخيراً، للوقوف على ما تم إنجازه، ووجدوا أن نسبة الإنجاز لا تتجاوز 15 في المئة، مقارنة بالزيارة الأولى قبل عامين، ما دفع أعضاء المجلس البلدي للمطالبة بإلغاء العقد، بسبب تقاعس الشركة عن تنفيذ المشروع، خلال الفترة الزمنية المحددة للتجهيز والإنشاء». بدوره، أوضح عضو المجلس البلدي سامي الحويل، أنه هناك «مزيداً من علامات الاستفهام لدى الأهالي، عن مصير متنزه جبل القارة، إذ لم يتم تنفيذ أي أعمال إنشائية، سوى بعض المباني فقط غير مفهومة المعالم. وعلى رغم إغلاق بعض أجزائه، فإن المتنزهين يصرون على الذهاب إلى موقع الجبل. في ظل عدم تهيئة دورات المياه، التي تعتبر مشكلة كبيرة لهم، وأيضاً عدم عمل الحواجز الأمنية ووسائل السلامة للأطفال». وأضاف الحويل: «لا أرى أية بوادر لتنفيذ أعمال تطوير في الجبل، وهل السبب يعود إلى عدم وجود ملاءة مالية لدى الشركة لتنفيذ اتفاقها، أم أن الأمر يعود إلى خلل إداري، وعدم وجود الإمكانات الفنية والهندسية لدى الشركة، للوفاء بالتزاماتها. ما يعني استمرار الوضع على ما هو عليه، من دون اتخاذ خطوات حازمة تجاه الشركة، ما يُعد هدراً للمقومات السياحية والفرص الاستثمارية التي يتميز بها جبل القارة». لافتاً إلى وجود «لوحات ضوئية كبيرة توحي بأن هناك عملاً، بخلاف الواقع، وخصوصاً أن المباني التي تم تشييدها بجوار الموقع أصبحت تشكل خطراً على زوار الجبل ومرتاديه».