يشكو سكان القدسالشرقية التي احتلتها إسرائيل عام 1967 بصفة مستمرة من سوء الخدمات العامة التي تقدم إليهم. ومن أمثلة ذلك خدمة البريد التي باتت الشكوى منها قضية تنظرها المحكمة العليا الإسرائيلية. وتضمن حكم صدر في حزيران (يونيو) عن محكمة العدل العليا انتقادات لسوء الخدمات البريدية في الأحياء التي يسكنها فلسطينيون في القدس ومطالبة للسلطات الإسرائيلية بتحسين الأداء. ووصلت مطالبات بسداد رسوم متأخرة في البريد إلى الفلسطيني إبراهيم قليبو أحد سكان القدسالشرقية فاضطر لدفع غرامات تأخير عند السداد. وانتقد قليبو خدمة البريد الإسرائيلية وحمّلها مسؤولية عدم إيصال الرسائل في أوقاتها وقال: «البيوت في البلدة القديمة في القدس تحمل أرقاماً خاصة بها، إلا أن ساعي البريد لا يوصل الرسائل في أوقاتها. وإذا فعل ذلك فانه يوصلها كومة واحدة ويلقيها عند أي إنسان»، موضحاً أن الفلسطينيين في البلدة القديمة يعانون نتيجة ذلك من دفع غرامات للتأخر في سداد فواتير لا يتسلموها في حينها. وأضاف: «بات مطلوب منا كعرب أن نلاحق السلطات الإسرائيلية كي ندفع لها، بينما الهدف الوحيد للسلطات أن تأخذ الفلوس منا من دون تقديم خدمات، أو تقديم خدمات ضعيفة». ويقول سكان آخرون إن موزعي البريد لا يسلمون الرسائل إذا حضروا إلى أحيائهم بل يضعونها كلها في أي مكان مثل متجر عاصم. وذكر عاصم أنه يسلم الرسائل التي يضعها موزعو البريد في متجره إلى أصحابها إذا كان يعرفهم فيما تتراكم باقي الرسائل عنده. ولفت عاصم إلى رسالة يبدو أنها «فاتورة أو أمر محكمة. صار لها شهر عندي»، مضيفاً أن السلطات الإسرائيلية ترسل لاحقاً رسالة إلى صاحبها تطالبه بدفع ضعف المبلغ أو إصدار حكم غيابي بحقه. وحينما يعترض هذا الشخص ويسأل السلطات لماذا حكم غيابياً مع مضاعفة الغرامة ترد بأنها بعثت له رسائل بخصوص قضيته. وحينما ينفي تسلمه أي رسائل تبرز السلطات أوراقاً تؤكد تسلمه الرسائل. وهكذا تصدر المحكمة حكماً غيابياً وتضاعف الغرامة بحقه على رغم عدم تسلمه أي رسائل. والوضع في مكاتب البريد ليس أفضل كثيراً، إذ يقول المتعاملون مع أحد مراكز البريد الرئيسية في القدسالشرقية إنهم ينتظرون ساعات طويلة قبل أن يحصلوا على ما يطلبون من خدمات. وذكرت فلسطينية من أهالي البلدة القديمة تدعى أم عدنان أنه لا يوجد في القدسالشرقية سوى تسعة مراكز للبريد، بينما ينتشر 42 مركزاً بريدياً في بقية أنحاء المدينة. وقالت: «تقول السلطات انه لا يوجد تمييز بين العرب والإسرائيليين. فلماذا هناك تسعة مراكز بريد فقط في القدس القديمة، بينما هناك 42 مركزاً في بقية مناطق القدس علماً بأن الفلسطينيين يدفعون ضريبة الأملاك (أرنونا) فلماذا التمييز في الخدمات إذن؟ ألا يكفي التمييز العنصري؟». وتلقت المحكمة العليا الإسرائيلية التماساً عام 2010 من جمعية حقوق المواطن في إسرائيل بشأن هذه القضية. وطالبت المحكمة بلدية القدس ووزارة الاتصالات الإسرائيلية وشركة البريد بحل المشكلة. وتعقد المحكمة جلسات دورية لمتابعة تطورات الموضوع. وذكر متحدث باسم المحكمة العليا أن القضاة ذكروا خلال جلسة حزيران (يونيو) إنه تم تحقيق بعض التقدم. وذكرت كارن تسافرير، محامية جمعية حقوق المواطن التي قدمت الالتماس إلى المحكمة، أن تدني الخدمات البريدية التي يحصل عليها الفلسطينيون في القدسالشرقية ليس متعمداً. وقالت: «لا أعتقد أن ثمة سياسة عريضة للتمييز ضد العرب في القدسالشرقية. ليس الأمر جزءاً من خطة كبرى. لكن في كل مرة يحدث يكون الرد واحداً. الإرادة غائبة.. لا أحد يهتم بالأمر فعلاً ولا أحد يريد أن يحل المشكلة». وتحدثت المحامية أيضاً عن مشكلة استصدار تصاريح البناء. وقالت: «لا تستطيع إدخال أي خدمة في القدسالشرقية لأن المنازل مخالفة للقانون علاوة على أكبر مشكلة وهي هدم المنازل». ويعتبر الفلسطينيون أهالي القدسالشرقية «سكاناً دائمين» في إسرائيل منذ اتفاقيات أوسلو عام 1993. وذكر تقرير حديث للأمم المتحدة أنه على رغم أن ثلث سكان القدس فلسطينيون لا يزيد نصيب القدسالشرقية من الإنفاق العام لبلدية المدينة على سبعة في المئة.