لم تهدأ وتيرة المعارك أمس بين جماعة الحوثيين من جهة ومسلحي تنظيم «القاعدة» والقبائل المناصرة له من جهة أخرى في محيط مدينة رداع التابعة لمحافظة البيضاء (جنوبصنعاء). وسيطرت الجماعة على المعقل الرئيس للتنظيم في منطقة المناسح القبلية بعد مواجهات ضارية واكبها قصف جوي يعتقد بأنه لطائرات أميركية من دون طيار وهجوم صاروخي نفذته وحدات عسكرية يمنية واستهدف مواقع التنظيم. في غضون ذلك أكد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي خلال ترؤسه اجتماعاً لمجلس الدفاع الوطني، حضره مستشاروه ورئيس الحكومة المكلف خالد بحاح ان قوات الجيش والأمن هي «المعنية بمحاربة الإرهاب والتصدي له»، في اشارة فهِم منها رفضه تمدد الحوثيين في المحافظات تحت ذريعة مواجهة «القاعدة». وحض هادي الأطراف السياسية على الالتزام بتنفيذ اتفاق «السلم والشراكة»، واستعجال تشكيل الحكومة برئاسة بحاح، في حين خرجت تظاهرات حاشدة في مدينتي الحديدة وإب احتجاجاً على وجود المسلحين الحوثيين. وكانوا سيطروا على صنعاء واجتاحوا غالبية المحافظات الشمالية والغربية مستغلين الفراغ الحكومي، وحياد قوات الجيش والأمن. وقالت مصادر قبلية ل «الحياة» ان «مئات المسلحين الحوثيين تمكنوا (أمس) من دخول منطقة المناسح القبلية حيث المعقل الرئيس لتنظيم «القاعدة» في المحافظة، بعد مواجهات عنيفة استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة، وسقط خلالها عشرات القتلى والجرحى من الطرفين». واتهم ناشطون قوات الجيش بمساندة الحوثيين، وكتبوا في مدونات على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي ان «الطيران الحربي اليمني شن بمعية طائرات أميركية من دون طيار أكثر من 30 ضربة جوية على منطقة الناسح والجبال المحيطة بها التي يتحصن فيها مسلحو التنظيم وأنصاره القبليون». كما اتهموا وحدات في الجيش ترابط غرب رداع وتتبع ما كان يعرف بالحرس الجمهوري ب «اللاشتراك مع جماعة الحوثيين في الهجوم البري» على معاقل التنظيم وأنصاره القبليين، في حين أكدت مصادر حوثية ان «مقاتلي الجماعة انتشروا في منطقة المناسح وبدأوا تمشيطها وتفخيخ عدد من المنازل التابعة لقادة قبليين في التنظيم من آل الذهب، استعداداً لتفجيرها». الى ذلك، نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سبأ) عن هادي قوله خلال اجتماع مجلس الدفاع الوطني إن «القوات المسلحة ستواصل جهودها في التصدي للأعمال الإرهابية في أي من مناطق الجمهورية، وهي المعنية بمحاربة الإرهاب والتصدي له في أي مكان وزمان لتطهير البلاد من شروره». وجاءت هذه التطورات غداة عودة مستشار الأمين العام للأمم المتحدة، مبعوثه الى اليمن جمال بنعمر الى صنعاء، وأفادت مصادر حكومية بأن هادي استقبله في القصر الرئاسي، وأن بنعمر أشار الى أهمية التنفيذ «الكامل والدقيق» لبنود اتفاق السلم والشراكة الوطنية، وحض على تشكيل الحكومة سريعاً. وكان تكتل أحزاب «اللقاء المشترك» رفض صيغة توزيع الحقائب الحكومية التي أعلنها مساء السبت رئيس الوزراء المكلف خالد بحاح، وقال الناطق باسم التكتل محمد صالح القباطي ان الصيغة «لا تزال محل نقاش ولم يوافق عليها اللقاء لكونها لم تستند الى أي مرجعية سوى مرجعية الهيمنة لطرف سياسي في الحكومة وإقصاء بعض المكونات الأخرى». وشدد على ضرورة توزيع الحقائب الوزارية بالتساوي بين المكونات السياسية الموقعة على اتفاق السلم والشراكة. وتتجه الأنظار الى ترقب تصعيد من جماعة الحوثيين، كان أشار اليه زعيمها عبدالملك الحوثي، حين دعا في خطابه الأخير لاجتماع في صنعاء نهاية الأسبوع يحضره «وجهاء اليمن ومشائخه وعقلاؤه» لدرس أوضاع اليمن. ولا يستبعد مراقبون ان يكون الاجتماع غطاء لمباركة انقلاب سياسي وعسكري تخطط له الجماعة مع حلفائها القبليين والعسكريين، بالتنسيق مع الرئيس السابق علي صالح وعدد من القادة الجنوبيين.