لم يحتج الجمع «الغفير» المتجمهر حول إدارة الوافدين التابعة لجوازات المنطقة الشرقية صباح أمس، سوى دقائق معدودة، لينفضَّ، فور انتشار خبر تمديد مهلة تصحيح أوضاع العمال غير النظاميين الذين كانوا يطوقون البوابة الرئيسة لإدارة الوافدين، بهدف إنهاء إجراءاتهم قبل انتهاء المهلة الممنوحة لهم، التي كان من المفترض أن تنتهي اليوم (الأربعاء). وتنفس الجميع الصعداء بعد انتشار خبر التمديد حتى نهاية العام الهجري الحالي، إذ سرعان ما غادر العمال الإدارة، خصوصاً العمال الباحثين عن نقل كفالتهم، وهم الفئة الأكثر. فيما ظلت المجموعة التي تنوي المغادرة نهائياً إلى بلدانهم، لإنهاء إجراءاتهم الرسمية. وتباينت ردود الفعل حول القرار في أوساط العمال وكفلائهم من جهة، وبين مجموعة من «سماسرة» العمال الذين كانوا يقفون في طوابير ممتدة خارج المركز، بقصد الحصول على عمال «متمكنين» على حد قول أحدهم. وابتهج العمال بالقرار، واعتبروه «سبباً يخفف عليهم الأعباء النفسية والمالية التي لحقت بهم، وبخاصة من لم يستطع الوصول إلى كفيله والتواصل معه حتى الآن». وشاركهم الفرحة كفلاؤهم الذين ثمنوا التمديد، ومنهم أبوعبد الرحمن، الذي قال: «يجب أن ننتهز الفرصة فلا عذر لأحد أن يتخلف بعد اليوم»، مناشداً موظفي الجوازات بضرورة «التروي عند التعامل مع العمال، بدلاً من تفريقهم بالصراخ ودفعهم». ولم يقتصر تغيّر الحال أمام المركز على الزحام وتدافع المراجعين، ولكن أيضاً على خفوت سوق «السماسرة»، وقلة العرض في ظل ارتفاع الطلب الذي كان قبل انتشار الخبر محصوراً على ثلاث فئات، وهم العاملات المنزليات، والسائقون، والعاملون في مجال جلي البلاط. وأشار محمد أبومرزوق ل«الحياة» إلى الظروف التي مرّوا بها طوال الأيام الماضية، «إذ كان المضطر من العمال للبقاء يقصدنا لنقل كفالته، بل يقدم مبالغ مالية في مقابل ذلك، إلا أن قرار التمديد أسهم في تغيّر حالهم، ورفض بعضهم حسم أمورهم الآن، مطالبين عوضاً عن ذلك بوقت أطول لاتخاذ القرار». ونافس السماسرة أشخاص آخرون، ذكروا أن «سوق العاملات المنزليات والسائقين تعاني شحاً منذ بداية الحملة، وهو الأمر الذي سيستمر طوال شهر رمضان المبارك وعيد الفطر المقبلين». وأوضح مطرف الدومغي أن «الأسر السعودية ستجد صعوبة في الاستغناء عن هذه الفئات في منازلها، خصوصاً في هذه الفترة من العام»، رافضاً في الوقت نفسه التعامل مع السماسرة الموجودين، بدلاً من الحضور الشخصي لنقل الكفالة مباشرة. وقال: «أنا رب أسرة مكونة من 9 أشخاص، وسبق لي أن تعاملت مع مجموعات كبيرة ممن لهم صلة بسوق العمالة، ووجدت أن العاملة لا تهرب إلا عندما تكون مطمئنة إلى حصولها على مأوى، وشخص يتكفل بضمان تنقلها، ورأيت بعد حضوري هنا أياماً متتالية، أن هؤلاء السماسرة هم من سيوفرون لهؤلاء العمال الغطاء لاحقاً، وسأكون أنا الخاسر في نهاية المطاف». ولم تغب المرأة عن خوض غمار اختيار العمالة، وكان توجهها منصبّاً على اختيار العاملات، إلا أن قرار التمديد أسهم في صرف نظر الطرفين عن إنهاء إجراءات نقل الكفالة. وشهدت «الحياة» أكثر من حالة «مفاهمة» تنتهي بتبادل الأرقام بينهن، بقصد التفكير ودرس العروض التي ستقدم لهن، بحسب قول إحدى العاملات. وتوقّع عدد من الحاضرين أن تشهد الأيام القليلة التي تسبق شهر رمضان حالاً من الهدوء لدى إدارات الوافدين على مستوى المملكة، على أن تدور عجلة الطلب في شكل قوي بعد عيد الفطر.