ليس مايك تايسون أول النجوم الرياضيين الذين ينخرطون في عالم الفن والتمثيل، ولن يكون آخرهم. لكن الملاكم الأميركي الذي كان مثيراً للجدل، قدّم أخيراً عرضه المسرحي «حقيقة غير قابلة للجدل»، ربما من منطلق تلازم مساره ومصيره. فبطل العالم للوزن الثقيل (1986 – 1990 ثم 1996)، الذي عرف الشهرة والثروة، وظلمات السجن بسبب تصرفات رعناء يقول إنه ندم عليها ودفع ثمناً غالياً، أتقن أخيراً لعبة أخرى يبرع فيها. ولعلّ في هذا العمل وفق أسلوب «ستاند أب كوميدي»، قصة حياة تايسون (48 سنة)، التي بمجرّد أن يتذكرها الحضور خصوصاً من خلال الخلفية المسرحية القائمة على عرض أفلام ووثائقيات من سيرة الملاكم ونزواته، حتى تستفيق في ذاكرتهم تلك المحطات «الداكنة» في مجملها. يعترف تايسون، الذي قدّم أول أعماله «الحقيقة بلا منازع» في لاس فيغاس (نيسان/أبريل 2012)، بأن رهبة الخشبة تتملّكه قبل أي عرض، وكأنه يهم باعتلاء الحلبة، مبدياً سروره لأن ذلك يحفّز في ذهنه التركيز على تقديم الأفضل. والعمل عموماً «مباراة ملاكمة منهكة نظراً إلى الجهد المبذول خلال 90 دقيقة». يتحكّم تايسون جيداً في وتيرة الأداء وإيقاع العبارات والنبرات. وكان توقّع أن يحظى العمل بتعاطف الحضور، معتبراً أن فقراته تجسيد درامي متكامل لواقع عاشه، وهو في حقيقته سوداوي، لكنه يفاجأ مرات بنوبات الضحك. وفي البداية «وجدت ذلك محرجاً وخشيت أن أذّل وشعرت بأنهم يشمتون بي. ثم أدركت أن ردود الفعل تخفف من وطأة الضغط علي بالدرجة الأولى، فغامرت وواصلت الأداء بالطريقة ذاتها عملاً بنصيحة زوجتي. وبالتالي أصبح العمل كوميدياً، على عكس ما كان مخططاً له في البداية». أضحى تايسون مقدّماً بارعاً يسعد بتصفيق الجمهور وتفاعله. فبعدما عانى طويلاً إثر صدور كتاب سيرته «الحقيقة المجرّدة» الذي تفادى قراءته لئلا يبكي تأثراً ويستعيد صفحات مزعجة، تأقلم مع الواقع وأصبح يقدّم قصته الشخصية على الخشبة، وكأنها لا تعنيه إلا من خلال تأديته الدور. لكن تايسون عاشق للأضواء، فمثلما كان يسرّ بتفاعل جمهور الملاكمة، يجد ذلك مطابقاً في صالة العرض. إنه قدره كما يعتقد «فحتى لو كنت مشرّداً كنت سأتفنن في لفت انتباه الناس وتسليتهم». ويستعد الملاكم لعمل جديد لا يزال في طور الصوغ بعنوان «الاعتماد على الفوضى». وهو مجموعة حكايات ونوادر شخصية لم يتناولها في «حقيقة غير قابلة للجدل»، تضيء على حياته عندما كان مديوناً ومشاجراته مع زوجته وحماته، وإصابته بأمراض تناسلية، ومصادفته صحافياً أبيض أجرى معه مقابلة في فينيكس ثم قصده عميل في «أف بي آي» للاستفسار عن علاقته به، بعدما قتل 9 أشخاص. ويكشف تايسون عن فيلم سينمائي يتناول قصة حياته قد يؤدي دوره فيه الممثل جيمي فوكس. وكان شارك في فيلم حركة صوّر في الجزائر العام الماضي (إخراج جان مارك مينيو)، سيعرض العام المقبل.