انطلقت أمس الإثنين في المجلس الوطني التأسيسي رسمياً جلسات مناقشة مشروع الدستور التونسي الجديد بعد عام ونصف من انتخاب المجلس الذي أوكلت اليه مهمة صوغ دستور جديد للبلاد بعد الثورة التي أطاحت حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وحضر الجلسة العامة بالإضافة إلى نواب المجلس عدد من ممثلي الجمعيات المدنية والخبراء الذين ساهموا في صوغ مشروع الدستور، بالإضافة إلى عدد من رؤساء الأحزاب السياسية. وشهدت الجلسة احتجاجاً وغضباً في صفوف نواب المعارضة الذين قاطعوا كلمة المقرر العام للدستور الحبيب خضر (النهضة)، مؤكدين أن الأخير قدم نسخة «مزورة» من الدستور باعتبار أنها لا تعكس أعمال اللجان التأسيسية ولا تتضمن التوافقات التي توصلت إليها الأطراف السياسية في الحوار الوطني في شهر أيار (مايو) الماضي، وفق قولهم. ونفى الحبيب خضر ما اعتبرها «ادعاءات» المعارضة، مشدداً على انه تلا التقرير الذي تضمنته أعمال اللجان التأسيسية لصياغة الدستور والتي وقّعها رؤساء اللجان الذين ينتمون إلى مختلف الكتل النيابية. وعلى رغم التوافقات التي حصلت بين مكونات الساحة السياسية حول الدستور، إلا أن المعارضة ما زالت تتحفظ عن بعض فصوله بخاصة تلك التي تشير إلى أن الإسلام دين الدولة بالإضافة إلى فصول (منها الفصل 124 المتعلق بحرية التعبير) اعتبرتها المعارضة وجمعيات مدنية غير ملائمة للمعايير الدولية في ما يتعلق بحرية التعبير والصحافة والنشر. ومن المنتظر أن يواصل المجلس التأسيسي أشغاله في النقاش العام للدستور وهو ما يسمح للنواب بإبداء آرائهم قبل الانطلاق في المصادقة على الدستور فصلاً فصلاً. ووفق النظام الداخلي للمجلس، فإنه في حال عدم المصادقة على الدستور بغالبية الثلثين فإنه يعاد إلى قراءة ثانية وإن لم يحصل فيها على نفس غالبية الثلثين فإنه يمرر إلى الاستفتاء الشعبي، وهو ما تحاول تجنبه معظم الأطراف السياسية. وفي سياق متصل، أعرب الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» عن أمله في أن تتم المصادقة على الدستور منذ القراءة الأولى، وأكد الغنوشي أن الخلاف الذي حصل بين النواب خلال الجلسة العامة أمس لن يؤثر على التوافق حول الدستور وعلى تنظيم الانتخابات قبل نهاية العام الحالي. في المقابل عبّر الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي (أكبر منظمة عمالية في البلاد) عن أسفه لما حدث في المجلس من «تشويش وتشنج» وأبدى تخوفه من أن يساهم هذا الوضع المتوتر في تعقيد مهمات الحوار الوطني والتأثير على إمكان تنظيم الانتخابات قبل نهاية هذه السنة.