استطاعت وسائل التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت استخراج ما في داخل نفوس المتفاعلين معها، حتى إن أشخاصاً أعرف عنهم الصمت حين يجب الكلام أجبرهم «تويتر» على النطق، وهو أمر عجيب يشبه السحر أو التنويم المغناطيسي. أستغرب قدرة هذه الوسائل على الاستخراج من أعماق الأعماق، فهل السبب أن الفرد وحده في الغالب يشعر بالحرية ليقول كل ما يريد قوله وأكثر خصوصاً لدى فئات المتحفظين في العادة؟ هناك أناس لديهم قدرة على التحفظ حتى في العمل، «مثلاً» حين الحاجة إلى تأييد أو رفض قرار مع وجود مدير أو وزير لم يحدد اتجاهه، كذلك جماعة «معك معك عليك عليك»، من الذين يمكنهم من دون خجل تجميل القبيح والتصفيق للهلامي. ويبدو لي أن شبكات التواصل أيقظت العملاق النائم، ولكل فرد عملاق في داخله، بعض منها وحوش لم تجد طريقها في الظلام، كأن «تويتر» أطلق العملاق المارد، لكنه ليس مارداً كمارد مصباح علاء الدين، إنه لا يقول «شبيك لبيك»، مارد المصباح بين يديك، اطلب ما تشاء، ثم يحضره خلال ساعة. بل هو مارد من نوع آخر، فيه ديكتاتورية، فهو الذي يطلب منك أن تقول وتفعل ما يريد، مرة بالترغيب، ومرة أخرى بالترهيب. ولو كنت من أصحاب «تويتر» وهو الأكثر شعبية في العالم العربي، لميزات الاختصار والمباشرة، لو كنت منهم لوضعت مقياساً لطول اللسان يكون معروضاً على الحساب، يطول ويقصر وفق التغريدات، يمكن تلوينه أيضاً وفق حدة الكلام، لديَّ أفكار كثيرة لتطوير «تويتر» وغيره بما يتناسب مع «الحرائق العربية» التي أسهمت مواقع التواصل في توسّع رقعتها. لم تعد أجهزة الاستخبارات في حاجة إلى أقمار اصطناعية للمراقبة والتجسس، و «حسينوه» الذي كان حذراً من النوم في السطوح أصبح هو الذي ينطق بلسانه عن أي شيء يخصه أو يخص غيره، في إصرار ورغبة عارمة في الصراخ. www.asuwayed.com