لا شك في أن قرار الاتحاد الوطني الكردستاني خوض الانتخابات المقبلة في كردستان بقائمة مستقلة، يشكل حدثاً ستكون له تأثيرات كبيرة في الخريطة السياسية في الإقليم وتوازناتها. فالحزب الذي أظهرت الاحتفالات بذكرى تأسيسه أنه ما زال يتمتع بشعبية عريضة وسط قواعده الجماهيرية الممتدة على مختلف مناطق كردستان، جاء قراره هذا كي يقطع دابر مختلف الرهانات على أنه يعاني الانكماش والتقوقع، لا سيما مع مرض الرئيس جلال طالباني. فقد راجت إشاعات بأن الحزب قد يتصدع ويضعف مع أن الرجل حي يرزق ويخضع للعلاج، فضلاً عن أن ثمة مؤسسات وآليات عمل قادرة على ضمان وحدته وتماسكه وفق النهج الذي اختطه طالباني. وما زلنا نذكر مثل هذه الرهانات التي راجت أيضاً بعيد تشكل حركة التغيير التي ثبت تهافتها لأن الحزب ليس مجرد حزب سياسي بل يمثل نهجاً ومنظومة متكاملة من القيم وعمقاً جماهيرياً وتاريخاً نضالياً. وقد ثبت من خلال أزمة الدستور ورئاسة الإقليم أن الاتحاد يلعب دور بيضة القبان للتجربة الديموقراطية في الإقليم عبر خياراته الوسطية والوطنية المبدئية العابرة للمصالح الحزبية. هكذا، شكل قاسماً مشتركاً وقوة ضاغطة على مختلف الأفرقاء للركون إلى خيار التوافق والبعد عن الخيارات المتشنجة، لا سيما في مرحلة حساسة تمر بها مختلف بلدان المنطقة، ومن غير الحكمة إطلاقاً إقحام كردستان في أزمات وطنية كبرى على خلفية أجندات حزبية وفئوية ضيقة. ولعل هذا الدور الذي نزع إلى حد كبير صاعق تفجير تأزم الأوضاع في الإقليم سينعكس على نتائج الانتخابات لجهة زيادة الثقة الشعبية بالحزب. ثم إن الاتحاد من خلال عضويته في منظمة الاشتراكية الدولية وتوليه رئاسة اللجنة الكردية فيها فضلاً عن علاقاته المميزة مع مختلف القوى الكردستانية في أجزاء كردستان الأخرى ودوره المشهود في دعم عملية السلام في شمال كردستان (كردستان تركيا) وثورة الحرية في غرب كردستان (كردستان سورية) يلعب دوراً ريادياً في مرحلة ربيع شعوب الشرق الأوسط وفي مقدمها الربيع الكردستاني. من هنا، فوجود الاتحاد كقوة رئيسة، وهو ما سيظهر من خلال الانتخابات المقبلة، سيوطد دعائم التجربة الديموقراطية في الإقليم وصولاً إلى إقرار دستور توافقي عصري يؤطرها في سياق نظام برلماني تعددي. * كاتب كردي