أخرج الطبراني أنه «صلى الله عليه وسلم» قال: «إن ربى قد قتل كسرى ولا كسرى بعد اليوم»، وقال «صلى الله عليه وسلم» في الحديث الذي رواه مسلم رحمه الله: «هلك كسرى ثم لا كسرى بعده»، وكسرى هو صاحب القوةٌ الناريّة الصفراء في الشرق، وكبير الفرس المجوسي نسبة لدولةُ فارس التي كانت تدين لإلهٍ هو في الأصل عدوٌ لكل البشر، وأعني بهذا الإله الفارسي: النار! وقد كان مسمى هذه العبادة هو: المجوسيّة، والذي كان يعتقد أنه إله البشر وسيدهم، وقد جاءه خطاب من الرسول «صلى الله عليه وسلم» يدعوه للإسلام بيد عبدالله بن حذافة السهمي رضوان الله عليه، وفور أن يسمع أن الرسول بدأ الخطاب باسمه قبل اسم كسرى يمزق الكتاب ويقول بكبر مجوسي بغيض عبد من عبادي يبدأ كتابه بنفسه قبلي ويطرد سفير النبوة بعد أن مزق الكتاب ودهسه برجله، ثم إنّه قد بالغ في الاستعلاء الفارسي فأمر عامله على اليمن باذان أن يبعث برجلين شديديّن ليحملا له ابن عبدالمطلب، يعني رسول الله «صلى الله عليه وسلم»، فما كان من النبي الكريم الذي لم يدع على أحد من ملوك الأرض سواه بقوله مزق الله ملكه، وما لبث أن قتله ابنه الكبير شيرويه، فقال صلى الله عليه وسلم: «هذا أول يوم انتصف فيه العرب من العجم، وبي نصروا». الفرس يعانون من عقدة بات لها 1400 عام وهي المجد التليد متي يعود، وما الطرق التي تستنسخ التجربة والحقيقة البائدة والقوتان الضاربتان على ظهر الأرض الروم الحمر والفرس الصفر. من يتتبع تاريخ الدولة الإسلاميّة سيلاحظ أن كلّ شعوب الإسلام خرّجت لنا قادة حملوا بأمانة واقتدار لواء الإسلام ورايته وتوسعه؛ وأصبحنا نُفاخر الدنيا بهم، فهذا طارق بن زياد من البربر، وهذا نورالدين زنكي من التركمان، وهذا صلاح الدين الأيوبي من الأكراد، وهذا محمد الفاتح من تركيا، في حين لن تجد لمن ينحدر من دولة فارس أي علامة فارقة في جسد الإسلام لا نصرة ولا مظاهرة، بل العكس صحيح تميز القوم وباتوا معول هدم ومؤامرة مع العدو على بلاد وحكام المسلمين، كما نجد أن أحطّ فترات الدولة الإسلاميّة كانت حين يُشاركُ أو يُديرُ هؤلاء الفرس شؤونها أو بعض شؤونها، ولنا في زفرات التاريخ البرمكي والعلقمي والصفوي الشيء الكثير والزاخر بنفحات الغدر والطعن والإبادة. ما أشبه اليوم بالبارحة، إذ كشر أتباع الفرس في إيران وفصيلها وذراعها العسكري في لبنان عن أنيابهم حين أحس القوم أن مسلسل عمر الفاروق رضوان الله عليه وتحطيمه لمملكة فارس سيعود من خلال أرض الشام والرباط والجهاد والبركة، وسينطفئ شعاع الهلال الشيعي الذي شيده الخميني. الحال الهيستيرية التي يمر بها أحفاد الفرس حال غير طبيعية لعلمهم بأن سقوط الشام هو سقوط كل المشاريع التي عملوا عليها طيلة السنين الماضية. إذا أردنا قراءة الواقع الحالي قراءة متأنية فيجب أن نستحضر التاريخ من كل جوانبه، والصورة من كل الزوايا، وأن نستثمر المحنة لتكون منحة، ويكفي حال التعاضد الأخيرة والتوافق بين الدول العربية والإسلامية تجاه الوضع في سورية، وأن نؤمن أن مشروع القوم ومجدهم التليد لن يقوم بعد بشرى النبي «صلى الله عليه وسلم». عضو الجمعية السعودية الدعوية [email protected]