في مختبر من مختبرات مركز الأمير فيليب في بلنسية، يبتكر علماء كيمياء وأحياء علاجات متطورة ضد السرطان، من بينهم ماريا خيسوس فيسنت التي عجزت، بسبب نقص المال، عن إجراء سلسلة من الاختبارات على الحيوانات. وعلى مسافة أمتار قليلة من هذا المختبر الحديث، تذكّر الأروقة المظلمة والغرف المقفلة بأن هذا المركز لا يفلت من سياسة التقشف التي تطاول قطاع الأبحاث في إسبانيا. وكان من المفترض أن يكون هذا المركز الذي افتتح عام 2005 في بلنسية في شرق البلاد في ظل الازدهار الاقتصادي رائداً في أبحاث الطب الحيوي. وهو يمتد على مساحة 52 ألف متر مربع ومزود أحدث الأجهزة وبلغت كلفته 60 مليون يورو. وتقول مديرته ايزابيل مونيوز: «كنا نجري الكثير من الأبحاث حول السرطان والأمراض العصبية التنكسية». لكن في عام 2011 وفي خضم الأزمة، تراجع الدعم الحكومي للمركز إلى 4,6 مليون يورو، مقابل 9,8 مليون عام 2009. وأقفل 14 مختبراً من مختبراته ال28 وسرح 114 موظفاً من موظفيه ال244. وتقول ماريا خيسوس فيسنت التي تمكنت من الاحتفاظ بفريقها بفضل تمويل أوروبي: «كانت مأساة أن نرى مختبرات تقفل وأشخاصاً بارعين يضطرون للرحيل». ومنذ 2006، تطور هذه العالمة جزيئات تحسّن فعالية بعض الأدوية في معالجة السرطان والألزهايمر. وتؤكد أن علماء إسبانيا «قادرون على أن نصبح رواداً في هذا المجال». لكن صعوبة النفاذ إلى التمويل تعيق عمل الباحثين. وتشرح فيسنت: «حققنا مثلاً تطوراً في معالجة سرطان البروستات وأردنا أن ننتقل إلى مرحلة إجراء الاختبارات على الحيوانات. لكنني لا أملك المال الكافي لبدء هذه المرحلة». ويفيد اتحاد النقابات العلمية الإسبانية بأن الاستثمارات الحكومية في مجال الأبحاث تراجعت منذ عام 2009 من 9 بلايين يورو إلى 5 بلايين. وانخفض عدد الباحثين في القطاع العام من 129308 باحثين عام 2010 إلى 117436 باحثاً عام 2013. ويقول الطبيب جوزيب ماريا غاتيل: «في السنوات العشر أو ال15 الأخيرة، بذلت إسبانيا جهوداً هائلة واحتلت مركزاً جيداً جداً على الصعيد العالمي. لكن سياسة التقشف قد تؤدي إلى إرجاعنا 20 سنة إلى الوراء». وقد أجرى الطبيب وفريقه هذه السنة اختباراً واعداً على لقاح ضد الإيدز يهدف إلى الاستغناء عن علاجات الفيروس القهقرية. لكن أبحاثهم تتقدم ببطء بسبب النقص في التمويل. ويقول فيسنتي فيليبو مدير مختبرات الأمراض العصبية التنكسية في مركز الأمير فيليب إن العلماء الشبان يفضلون السفر إلى الخارج بسبب ندرة العقود المتاحة لهم في إسبانيا.