خلال زيارة الرئيس فرانسوا هولاند إلى الدوحة يومي السبت والأحد الماضيين تسنى للرئيس الفرنسي أن يرى تطور قطر العمراني والصناعي. كما تسنى له أن يسمع من الأمير الشيخ حمد بن خليفة نواياه بتسليم زمام الحكم إلى ولي عهده الشاب الشيخ تميم (33 سنة) الذي كان حاضراً في جميع لقاءات والده مع ضيفه الفرنسي. لا شك أن تسليم الأمير الشيخ حمد وهو من مواليد عام 1952 زمام الحكم لولي عهده أثار تساؤلات عدة وتعجباً كبيراً وهو ما زال في سن يتيح له الاستمرار في مهمته. إلا أنه أوضح في خطابه أمس ثقته بقدرة ولي العهد على تولي مهمة هو معد لها. كما أن الشيخ حمد أدلى بثقته بالجيل الشاب الذي سيتسلم زمام الحكم في البلد. فأمير قطر الشاب الشيخ تميم تسلم من والده بلداً كان إمارة ذات عائدات محدودة جعلها من أغنى دول العالم برؤيته لتطوير صناعة الغاز الطبيعي. ففي 1995 كانت قطر منتج نفط صغيراً يصل إنتاجها إلى حوالي800 ألف برميل في اليوم من النفط الخام ولم يطور إنتاج الغاز قبل وصول الأمير حمد إلى الحكم، فحول بلده إلى أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم مع دور أساسي في بناء صناعة الغاز لوزير النفط السابق عبد الله حمد العطية. فقطر تملك أحد أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم في حقل الشمال الذي حرص أمير قطر على الاستفادة منه وسلم مسؤولية بناء هذه الصناعة إلى العطية الذي بتوجيه وثقة ورؤية الأمير استطاع أن يبني صناعة غاز ونفط ويعترف له الكل في شركات النفط العالمية بهذا الإنجاز الضخم . فقطر تنتج حالياً من الغاز الطبيعي المسال ما يعادل 1،8 مليون برميل في اليوم من النفط. فاكتشاف حقل الشمال من الغاز يعود إلى ما قبل وصول الأمير الشيخ حمد إلى الحكم. ولكن رؤية الشيخ حمد مكنته من الاستفادة من قيمة هذا الغاز. فوقع عقوداً طويلة الأمد مع عدد من الدول في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة. وهذه العقود مكنت قطر من إطلاق هذه المشاريع. فتحليل الأمير والعطية آنذاك أن أسواق آسيا وأوروبا والولايات المتحدة كانت بحاجة إلى هذا الغاز. ورؤية الأمير في تطوير بلده بواسطة تطوير صناعة الغاز المسال الطبيعي حققت نجاحاً فاق التوقعات. لم يكن أحد يتوقع أولاً أن سعر النفط سيبلغ يوماً مئة دولار للبرميل. كما أن أحداً لم يتوقع تعطش دول آسيا للطاقة وللغاز المسال. فعنصرا سعر النفط والطلب الآسيوي للغاز مكنا من وضع قطر من بين أغنى دول العالم. وأميرها الذي سلم الحكم لولي عهده أمس كان طور صناعة الغاز المسال في وقت كانت تكاليف هذا التطوير معقولة. في حين أنه لو أنشأ اليوم ما تم بناؤه لصناعة قطر للغاز آنذاك لكان تطلب ذلك ثلاثة أضعاف ما صرف من استثمارات عندما أطلقها الأمير. لقد قرر الشيخ حمد إنشاء هذه الصناعة في نهاية التسعينات وهي اليوم تنتج بقدرة كاملة وتزود الأسواق بحاجة كبيرة إلى هذا الغاز والنفط. وعندما وصل الأمير حمد إلى الحكم كانت قدرات قطر المالية محدودة كون سعر النفط كان أقل بكثير من الآن. فقرار تطوير صناعة الغاز كان سباقاً ورائداً من حيث حداثته في التقنيات وفي طريقة التعاقد وجذب الاستثمارات العالمية. وأعطى أمير قطر إمكانيات مالية باهظة مكنته من تحويل قطر من إمارة صغيرة إلى دولة ذات ثروة مالية ضخمة أعطته الإمكانيات لوضعها على خريطة العالم ولعب دور يفوق حجم البلد الصغير. فالأمير الجديد الشيخ تميم يتسلم بلداً عائداته من الغاز والنفط تبلغ حوالى 70 بليون دولار سنوياً جاءت نتيجة رؤية والده الطويلة الأمد التي نفذها بنجاح معترف له عالمياً وزير نفطه عبد الله حمد العطية. والأمل أن يكون للأمير الشاب فريق عمل يستكمل تحديث البلد وتطويره على النهج الذي أطلقه والده على الصعيد الصناعي والغازي والتحديث عموماً.