يبدو أن المقولة التي تؤكد أن سويسرا تؤمّن لكل موظف أو عامل حياة هنيئة وغير متعبة، لم تعد صحيحة كلياً، لأن حجم ساعات العمل قفز في شكل عمودي مخيف منذ مطلع العام الماضي. ويُلاحظ أن لدى المرأة السويسرية والعامل الأجنبي، زيادة لافتة في ساعات العمل السنوية. واعتبر خبراء أسواق العمل، أن لأزمة المال التي ترصدها وزارة الاقتصاد الفيديرالية، أثراً على زيادة ساعات العمل. إذ تحاول الشركات والمؤسسات الوطنية التمسك بتنافسيتها على الصعيدين الداخلي والخارجي، من طريق تقديم مزيد من الخدمات، ما يفرض على موظفيها ساعات عمل إضافية مهما كان ثمنها. وفي مقارنة مع العام الماضي، زادت ساعات العمل السنوية في سويسرا بنسبة 0.4 في المئة، كي يرسو عددها على 7.8 بليون ساعة. ما يعني أن سوق العمل السويسرية تشهد تقلبات حادة منذ عام 2007، الذي شهد وقوع أزمة القروض العقارية غير المضمونة، مروراً بعام 2009 الذي سجل حصول أزمة المال العالمية والمستمرة إلى اليوم. وازداد على مدى الأعوام الخمسة الأخيرة عدد ساعات العمل السنوية نحو 6.7 في المئة. ولافت توسع الهوة بين ساعات العمل التي تفصل الرجل عن المرأة وتلك التي تفصل السويسريين عن الأجانب. ولا يريد السويسريون عموماً العمل أكثر من ثماني ساعات يومياً، فيما يعمل الأجانب أحياناً أكثر من 14 ساعة، من دون أن يُحسب لهم أجر إضافي. وأشار المحللون إلى أن حجم ساعات العمل السنوية لدى الرجال زاد 5.2 في المئة، ولدى النساء بنسبة 9.4 في المئة. وبغض النظر عن المرأة العاملة سواء كانت سويسرية أم لا، لاحظ الخبراء أن المرأة تعزز العمل في دوام جزئي (نصف نهار)، واعتماد سوق العمل الداخلية أكثر فأكثر على المرأة حتى في المراكز الإدارية المهمة. وفي نظرة إلى مسار حجم ساعات العمل السنوية في السنوات الخمس الأخيرة، يتبيّن أن زيادته لدى السويسريين نسبتها 2 في المئة فقط مقارنة بنحو 19 في المئة لدى العمال الأجانب. وفي موازاة زيادة ساعات العمل، يسلط الخبراء الضوء على عدد فرص العمل المتوافرة لدى الشركات والمؤسسات والذي تراجع 1.5 في المئة. وعلى رغم الزيادة، إلا أن مدة التمتع براحة تامة زادت بدورها، لأن إجازات العمل توسعت مدتها بين أعوام 2007 و2012، من أربعة إلى خمسة أسابيع. وفي تسعينات القرن الماضي، لم تكن الإجازة تتعدى ثلاثة أسابيع. لذا يجب التمييز بين فئتين على مستوى العمر، إذ تتراوح أعمار الفئة العمالية الأولى بين 20 و49 سنة، ولديها إجازة عمل سنوية لا تتخطى خمسة أسابيع. فيما تتفاوت أعمار الفئة الثانية بين 50 و64 سنة وتصل مدة إجازتها إلى ستة أسابيع تقريباً.