يتمتع العمال السويسريون بمزيد من الوقت الحر مقارنة بعام 1950. والى جانب إدارة الوقت الحر لدى هؤلاء العمال في شكل أفضل، يلاحظ خبراء سوق العمل أن فرص الحصول على عقود عمل بدوام نصفي تزداد بدورها عاماً بعد آخر. كما تزداد أهمية فترة النقاهة لأن الابتعاد من العمل لقضاء إجازة مرتين سنوياً، بات نواة ترفيه رئيسة يحتاج إليها كل عامل. واللافت تراجع عدد ساعات العمل في سويسرا من 2400 ساعة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، إلى 1600 ساعة سنوياً حالياً، أي أن هذا العدد تآكل 800 ساعة في أقل من 70 عاماً، ما يجعل سوق العمل السويسرية تعيش لحظة ثورية حساسة. وثمة عوامل ثلاثة، لعبت دوراً في «صقل» عدد ساعات العمل. إذ تراجعت ساعات العمل أسبوعياً بمعدل ثماني ساعات من 50 الى 42 ساعة أي نحو سبع ساعات يومياً. كما لكل عامل في سويسرا الحق في إجازة سنوية يمكنه تقسيمها إلى اثنين، تدوم خمسة أسابيع مقارنة بثلاثة في الأعوام الماضية. ولا يمكن غض النظر عن تفشي ظاهرة العمل في شكل جزئي، في الكانتونات السويسرية. ويُذكر أن هذا النوع من العمل النصفي يستمر ست ساعات يومياً. ويستفيد من هذا النوع من العمل 20 في المئة من عمال سويسرا وموظفيها. ويفيد الخبراء أن نوعية العمل والمهمات المفروضة على كل عامل، زادت مقارنة بخمسينات القرن الماضي، ولعبت التكنولوجيا دوراً في تحسين نوعية العمل. إذ للكومبيوترات والروبوتات مثلاً، ثقل ضخم في الأنسجة الصناعية السويسرية، ما يدفع بعض أرباب العمل الى الاعتماد عليها بشدة، بدلاً من توفير وظائف عمل جديدة «بشرية». علماً أن معدل البطالة غير مقلق بعد، ولا يحض حكومة برن على ممارسة ضغوطها على الشركات والمؤسسات الوطنية بهدف توفير فرص عمل داخلها. وقفز عدد عمال سويسرا من 3.05 مليون عامل عام 1964، إلى 4.22 مليون حالياً، أي عملت سويسرا على توفير أكثر من مليون وظيفة، لمصلحة مواطنين سويسريين وأجانب في أقل من ستين عاماً. وهو ما عجزت عن تحقيقه دول كثيرة تنتمي اليوم الى منطقة اليورو. ومع أن الثقوب السود داخل سوق العمل السويسرية خصوصاً لناحية النقص في اليد العاملة في قطاعات مميزة، كما تلك المتصلة بالأبحاث الجامعية وتلك التكنولوجية لا تزال موجودة، إلاّ أن أرباب العمل والعمال يجمعون على بقاء سويسرا أفضل بكثير من دول منطقة اليورو، خصوصاً لجهة نمط الحياة ونوعية التفاعل مع جو العمل. ويبدو أن السياسة الدفاعية في قطاع العمل، التي تقودها سويسرا ناجحة وصامدة في وجه أزمة المال. إذ تعتمد الأنسجة الصناعية السويسرية بمعدل 50 الى 55 في المئة على الطلبات من الداخل، لتحقيق العائدات بالتالي الأرباح.