يحار مرتادو كثير من المطاعم في محافظة الأحساء، بين كونها أماكن تقدم وجبات غذائية، أو ورشاً، وفي أحسن الأحوال مستودعات، فالعاملون في جل هذه المطاعم لا يحملون شهادات صحية. وقلما تكون الوظيفة في إقاماتهم (إن كانوا يملكون إقامات أصلاً) طاهياً، أو تمت بصلة إلى الطبخ، فهي تتراوح بين «حداد»، و»مزارع»، و»سائق خاص»، وحتى «سباك»، و»مليس». وفيما لا يكاد يمر أسبوع حتى تعلن أمانة الأحساء، عن حصيلة جولات قام بها مراقبوها، على محال الأنشطة الصحية، التي تشمل المطاعم، التي يناهز عددها الألف، موزعة بين المدن والقرى، وعن المخالفات، والمضبوطات، والغرامات والعقوبات والإغلاقات. وكشفت جولات قامت بها «الحياة» على مدار 3 أيام، عن غياب «شبه تام» للرقابة على المطاعم والبوفيهات والمطابخ. وتتصاعد شكاوى المواطنين والمقيمين، من أوضاع المطاعم، وفيما قرر بعضهم مقاطعتها، أقر آخرون أن «العزوبية» هي من تجبرهم على ارتيادها. ويقول سالم منصور، الطالب في جامعة الملك فيصل: «قررت تناول وجبة غداء في أحد المطاعم القريبة من مقر الجامعة، ولأنني سمعت من زملائي في السكن كلاماً غير مطمئن عن الوضع في معظم المطاعم، طلبت من العامل دخول المطبخ، ومشاهدة ما خلف الكواليس، فوافق وشاهدت ما لا يسر الناظرين: من أوساخ، ومأكولات مخزنة إلى جانب شبكات الصرف الصحي، وصراصير، وسكاكين ومعدات طبخ لونها أسود»، مضيفاً «كان العامل يبتسم لظنه أنني مقتنع بما أرى، ولكنني سألته: منذ متى لم يتم تنظيف هذا المكان؟ فتغير لونه وتوقع أنني من البلدية». ولم تكن تجربة أسامة علي، بأحسن حالاً من سابقه، حين ارتاد مطعماً يعج بالزبائن في منطقة السوق، وسط مدينة الهفوف. ويذكر «شاهدت ورق العنب في مكان يصعب تصور أنه سيُؤكل لاحقاً، حيث كان بجانب أنابيب تصريف المياه أسفل المغسلة، وحين أبلغت العامل بإلغاء الطلب، قال: «إن هذا الورق من أمس، ونضعه هنا كي نتخلص منه»، ولكنني لم أصدق ما يقول. فيما كان العامل يحاول إقناعي بحرصهم على النظافة»، ولم ينتهِ الأمر عند هذا الحد، إذ طلب أسامة، من العامل إقامته، ليجد أنه «سائق خاص». وفي مطعم شعبي يشتهر بتقديم وجبات «المندي» يعمل فيه 9 عمال من إحدى الدول العربية، تحدث أحد العمال عن «أزمة التأشيرات وصعوبة الحصول عليها، وذكر أن مهنته «عامل بناء»، وعلى رغم ذلك يعمل في مطعم، وبرر ذلك بأن «صاحب المطعم لم يستطع الحصول على تأشيرات لعمال طبخ، وفي المقابل حصل على تأشيرات عمال بناء، فهو يملك أيضاً مؤسسة متخصصة في البناء، واستقدمنا بهذه المهن». وفي مطعم آخر، متخصص في «المشوي»، كان من الصعب إطلاق «لحم مفروم» على كتلة رفعها العامل بيديه المتسختين، مؤكداً أنها «لحم مفروم، اشتريناه من إحدى الملاحم اليوم بحسب زعمه. وإذا كانت أمانة الأحساء تمنع تقديم السلطات والمايونيز، في فصل الصيف، لارتفاع درجات الحرارة، فإن العمال في هذا المطعم لم يسمعوا بذلك، أو على الأقل لا يطبقونه، ولعل ذلك يبرر ارتفاع حالات التسمم الغذائي في أشهر الصيف. فيما تنص عقوبة البلدية على من يثبت تسببه في حالات تسمم ب «إغلاق المحل لمدة 5 أيام، مع غرامة مالية، وتضاعف العقوبة في المرة الثانية مع زيادة المدة». وذكر مراقب صحي، يعمل في أمانة الأحساء، أن من أهم المخالفات التي ترصد خلال زيارة المطاعم «عدم وجود بطاقة صحية مع العامل، أو انتهاء تاريخ البطاقة، وتدني النظافة العامة للموقع، وخلط الأغذية بطريقة تؤدي إلى حدوث تلوث، وكذلك عدم نضج الأكل بشكل كافٍ، وعدم التزام العامل بالملابس الخاصة مثل: لبس القفازات، وتشغيل عمال ليس لديهم شهادات صحية، أو منتهية، وتدني مستوى النظافة الشخصية للعامل». وكان وزير الشؤون البلدية والقروية، أصدر أخيراً، تعليمات نصت على «تشديد الرقابة الصحية على جميع المنشآت، خصوصاً تلك التي تبيع الوجبات الجاهزة السريعة، والتأكد من استيفاء هذه المنشآت الاشتراطات الصحية، لحماية المستهلكين»، وكذلك «تطبيق أقصى العقوبات في لائحة الغرامات والجزاءات عن المخالفات البلدية في حق المحال والمطاعم المخالفة».