انتهت أمس في الأردن أضخم مناورات عسكرية شاركت فيها قوات أردنية وأميركية ودول غربية وعربية، فيما استمر الجدل المتصاعد في شأن العلاقة بينها وبين الحرب الطاحنة في سورية منذ أكثر من سنتين، لا سيما أن الولاياتالمتحدة قررت إبقاء بعض قواتها الاردن إلى أجل غير مسمى، بينها منظومات صواريخ «باتريوت» ومقاتلات «اف 16»، إلى جانب خبراء عسكريين في مجال الأسلحة الكيماوية. وأعلن رئيس الأركان الأردني الفريق أول الركن مشعل الزبن، للمرة الأولى، بقاء أسلحة دفاعية أميركة مع طواقمها داخل الأراضي الأردنية، بعدما نفت الحكومة رسميا بقاء أي جندي أمريكي على أراضيها بعد انتهاء المناورات. وقال الزبن، في بيان بثه الجيش على موقعه الإلكتروني مساء أمس: «لقد لبت الولاياتالمتحدة طلبنا بإرسال بطاريات باتوريوت وبعض طائرات اف 16 إلى الأردن، وهذه الأسلحة ستبقى لدينا ما دامت المملكة بحاجتها، وستبقى طواقمها معها، وما تحتاجه سواء من إسناد أرضي أو قوات عاملة عليها، لأن مصلحة وأمن واستقرار الأردن فوق كل اعتبار، ويجب علينا أن ندافع عن بلدنا، وأن نكون مستعدين لما تشهده المنطقة». وعلى رغم تجديد مسؤولين عسكريين اردنيين نفيهم أي علاقة لمناورات «الأسد المتأهب»، وهي الأكبر خلال العقدين الماضيين، بما تشهده المنطقة أو سورية، ذكرت مصادر عسكرية خليجية ل»الحياة» شاركت في المناورات ان التدريبات «لا تخلو من توجيه رسائل تحذيرية إلى نظام دمشق»، من دون إعطاء تفاصيل. وأظهرت المناورات تعزيز الجيش الأميركي وجوده داخل الأراضي الأردنية، وبدا أنها أشبه بتدريبات مشتركة بين الجيشين الأردني والأميركي، مع تأكيد القائمين عليها أن المشاركين من 17 دولة قدموا بصفة مراقب فقط. ولمّح قادة عسكريون أميركيون إلى أن بلادهم قد تبقي على قوات إضافية داخل الأردن، لكنها اعتبرت أن مثل هذا القرار تتخذه القيادة السياسية في واشنطن. والحال ذاته بالنسبة الى القيادات العسكرية الأردنية التي رفضت الخوض في إمكان الإبقاء على قوات أميركية، واكتفت بالقول إن ذلك مرتبط بقرار القيادة السياسية الأردنية. لكن بعض هذه القيادات أكد أن الأردن يستقبل حالياً خبراء أميركيين لتدريب نظرائهم الأردنيين على السيطرة على مواقع الأسلحة الكيماوية. وترابط الآن في شرق البحر المتوسط وقرابة السواحل الأردنية سفن عسكرية تتبع البحرية الأميركية، مزودة بصواريخ «توماهوك». وكانت شبكة «سي ان ان» الأميركية ذكرت ان واشنطن سترسل إلى عمان الصيف الجاري مزيداً من المخططين العسكريين يتبعون «اللواء المدرع الأول». وقال العقيد في الجيش الأردني مخلد عواد السحيم، الناطق باسم القوات المشاركة في المناورات، ان المناورات ركزت على الحرب «غير التقليدية» التي تشمل «مقاومة الإرهاب، ومقاومة المتمردين، والنقل الإستراتيجي، إلى جانب الأزمات الناشئة عن تدفق اللاجئين». ورفض السحيم كشف عدد بطاريات «الباتريوت» وأماكنها أو المقاتلات الأميركية التي ستبقى في الأردن بعد المناورات. وحضر المناورات خلال اليومين الماضيين شقيق العاهل الأردني الأمير فيصل بن الحسين وقائد الجيش الأردني مشعل الزبن وقيادات عسكرية رفيعة تمثل الولاياتالمتحدة وفرنسا والسعودية وقطر. واشتملت المناورات التي جرت في منطقة قويرة، وتبعد نحو 380 كلم عن عمان، وشارك فيها نحو 800 جندي أميركي وأردني، على تمارين جوّية وبحرية نفذتها بوارج حربية وطائرات مقاتلة أميركية وأردنية ومروحيات، إضافة إلى عمليات برية رافقها اشتباكات بالدبابات والرشاشات الثقيلة. وكان لافتا قيام دبابات أميركية وأردنية بالتدرب على مهاجمة مواقع مفترضة تضم أسلحة كيماوية. وأكدت الولاياتالمتحدة التزامها حماية الأردن حال التورط عسكريا مع سورية. وكشفت مصادر عسكرية أردنية ل»الحياة» تعزيز تواجد الجيش الأردني على الحدود مع سورية، وفرض حال الطوارئ القصوى داخل مختلف القطاعات العسكرية. في غضون ذلك، انتقدت أوساط إعلامية أردنية تكتم السلطات على الاستعدادات المتسارعة التي تتخذها لتجنب خطر الأزمة السورية، لافتة الى ان الاردن مثل كل الدول المجاورة لسورية قد يجد نفسه عند لحظة ما، واستجابة لمتطلبات أمنه وأمن شعبه، في قلب المعمعة.