دخلت تونس أمس، مرحلة العد العكسي للانتخابات الاشتراعية المقررة غداً، لاختيار برلمان دائم هو الأول منذ سقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي، وذلك على وقع مواجهة مع مجموعة ارهابية استهدفت ضرب الاستحقاق، حسمتها قوى الأمن بقتل مسلحين هم عبارة عن رجلين وخمس نساء، تحصنوا مع اطفال في منزل غرب العاصمة، بعد ساعات من اعتقال مسلحين يرتبطان بالمجموعة. (للمزيد) وعلى رغم وقائع اللحظات الأخيرة لحسم المعركة مع الإرهابيين وما حملته من دلالات بخروج النساء من المنزل وهن يطلقن النار في شكل انتحاري، أظهر الهجوم الناجح الذي نفذته قوى الأمن تصميمها على حماية الاستحقاق الانتخابي بأي ثمن. وقلل زعيم حركة «النهضة» راشد الغنوشي من تأثير تلك الهجمات في سير الاستحقاق الانتخابي في تونس. وقال في حديث إلى «الحياة» امس، إن أجهزة الأمن «في حال هجوم بفضل جهود وخطط استباقية ناجعة»، في حين ان المجموعات الإرهابية «في حال اختفاء وتراجع كبير». وجدد الغنوشي رفضه «استخدام أيديولوجيا لتبرير العنف»، وأيضاً «استخدام العنف لتحقيق اهداف سياسية»، مؤكداً ان لا حرب في تونس على الفكر السلفي «بل مشكلات تناقش بالحوار والحجج». وأعرب زعيم «النهضة» عن اعتقاده أن «توافق الإسلاميين والعلمانيين سيحكم تونس» بعد الانتخابات، وشدد على رفض اقصاء أي طرف، قائلاً: «سنتعامل مع كل الأحزاب التي تعمل في اطار الدستور، ولا نميّز بين عهد حالي وعهد سابق، من دخل تحت جناح الدستور فهو مواطن تونسي له كامل الحقوق، بل هو دخل تحت جناح الثورة». ورأى الغنوشي ان حركته تفادت ازمة على غرار «الإخوان» في مصر، بفضل «النخبة التونسية التي نجحت في إدارة الحوار بين إسلاميين وعلمانيين»، وعزا الفضل في ذلك الى «كل القوى السياسية». وقال: «اذا كان هناك فشل في مصر فهو فشل للنخبة المصرية في إدارة الحوار بينها وفي تجنب الإقصاء والعنف»، مشيراً الى ان في تونس «مجتمعاً مدنياً قوياً تدخّل طرفاً ثالثاً عندما كان التجاذب بين السلطة والمعارضة على أشده». وفي وقت يتخوّف المسؤولون التونسيون من حصول خروق أمنية تعكر صفو العملية الانتخابية غداً، أعلن الناطق باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي انتهاء الحصار الذي فرضته قوات الأمن التونسية على منزل تحصّنت فيه مجموعة إرهابية، بقتل 6 أشخاص بينهم 5 نساء عند اقتحامه امس. وأكد العروي أن «النساء الخمس قُتلن. كما قُتل أيمن (أحد المسلحين) فيما أُصيب حسام (مسلح ثانٍ) وأُدخل إلى المستشفى». وأضاف أن طفلين، ولد وبنت، كانا في المنزل نُقلا الى المستشفى أيضاً، موضحاً أن الفتاة أُصيبت في رأسها، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل. وزاد العروي أن «الوحدات الخاصة دخلت (المنزل) من ناحية المطبخ، حيث كان يختبئ الإرهابيان. وخرجت النساء من المطبخ وهن يطلقن النار»، واصفاً كل عناصر المجموعة من نساء ورجال، بأنهم «عناصر إرهابية». يأتي ذلك غداة بدء المغتربين التونسيين في أستراليا وكوريا الجنوبية واليابان، بالإدلاء بأصواتهم ضمن الانتخابات الاشتراعية، فيما انطلقت عملية الاقتراع أمس، في عواصم عربية وأوروبية وأميركية. ويبلغ إجمالي عدد الناخبين التونسيين في الخارج 359 ألفاً و530 ناخباً، سيختارون 18 نائباً من أصل ال 217 عضواً في مجلس النواب المقبل. وينتخب المهاجرون التونسيون في 6 دوائر انتخابية تضم 304 مراكز اقتراع. وتبدو حركة «النهضة» الإسلامية الأوفر حظاً بالفوز بالكتلة النيابية الأكبر، مقابل صعود قوي لحركة «نداء تونس» العلمانية التي تراهن على الاستحقاق الانتخابي «لإنقاذ تونس من حكم الإسلاميين» وفق تصريحات قيادييها.