التظاهرات التي تهز البرازيل، بالتزامن مع استضافة كأس العالم للقارات لكرة القدم التي تعدّ الأضخم اجتماعياً منذ 21 عاماً، وليدة تفاقم النقمة من ظواهر كثيرة تعيشها البلاد التي «تتأهب»، لتنظيم المونديال من 12 حزيران (يونيو) إلى 13 تموز (يوليو) 2014. فالتقارير التي تشير إلى نفقات غير مبررة أو مضبوطة على صعيد ورش التنظيم وبناء المرافق، ترد باستمرار منذ أكثر من 3 أعوام، فضلاً عن التأخير الملحوظ في وتيرة العمل في ورش عدة، وصرف النظر عن مشاريع مقررة، تضمّنها ملف الترشّح لاحتضان المونديال. وعشية افتتاح كأس القارات (السبت الماضي)، تجمّع حوالى 1000 شخص في الجادة الرئيسة المؤدية إلى الملعب الجديد في برازيليا (مانيي غارنيشا)، وأشعلوا دواليب، احتجاجاً على ارتفاع أسعار تذاكر مباراة البرازيل - اليابان. ونشطت حملات في الأشهر الأخيرة عبّرت عن الاستياء من الكلفة المرتفعة وغير المبررة لبناء الملعب (420 مليون يورو). وإذا كانت البرازيل تعدّ من البلدان التي يسجّل فيها أفضل معدلات النموالاقتصادي، فإن انعكاساتها الإيجابية لا تطاول الطبقة الكادحة التي لا يتجاوز معدّل راتب أفرادها 250 يورواً بعد 20 عاماً من الخدمة. ورفع النجم السابق النائب الحالي روماريو الصوت مرات، مندداً بطريقة سير الأمور وحملات «التطمين المخدرة»، كاشفاً عن تقارير تتناول كلفة الملاعب الستة (برازيليا، ريو دي جانيرو، فورتاليزا، سالفادور، بيلو هوريزنتي، وريسيف) التي تشهد حالياً مباريات كأس القارات، وتطرّق إلى تضخّم الأرقام، «علماً بأن محيط الملاعب لا يزال على حاله». وارتفعت كلفة الملاعب ال12 التي ستستضيف المونديال 800 مليون يورو، عما كان مقدراً لها، وباتت 3،8 بليون يورو ما يعزز الشكوك بعمليات فساد وهدر. حتى أن ديبلوماسية رئيس الاتحاد الدولي السويسري جوزيف بلاتر، وتذكيره أنه حضر تدشين مرافق رياضية عدة، وافتتاح بطولات كبرى، وكان الطلاء لا يزال طرياً على الجدران، في إشارة إلى أن كل شيء سينجز، وستسلّم الأعمال في التاريخ المحدد، لم تلغِ «الصدمة» التي أحدثها تصريح أمينه العام غيروم فالك العام الماضي في إطار حضه المنظمين على رفع وتيرة العمل، حين أعلن أنه «يجب ركل البرازيل على مؤخرتها»، كي تستفيق. فبعد 15 شهراً من هذا «الإنذار المباشر»، هناك ستة ملاعب تعتبر جاهزة، والتأخير مقلق في ورش ملاعب ستاد مانوس (47750 متفرجاً)، كيويابا (43600)، كوريتيبا (41375)، إذ لم ينجز إلا ثلثا الأشغال، فضلاً عن البطء في أعمال إنشاء شبكة الطرق، وفي مطارات عدة، ومحطة مترو بورتو أليغري، وكأنها ستسلّم بعد المونديال! كما أن الحال مقلقة في ولاية سان باولو، إذ يشعر 91 في المئة من السكان بعدم الأمان، وسقط 662 قتيلاً في فورتاليزا في غضون أربعة أشهر، أي أكثر بنسبة 30 في المئة عن الأرقام المسجلة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي. معظم التظاهرات كان محورها الاحتجاج على ارتفاع أسعار تذاكر النقل العام، ثم تفاقمت في مدن وولايات عدة، ولا يزال المنظمون والمسؤولون يرددون عبارة «تودو بم»، أي «كل شيء على ما يرام»!