قتل في العراق خلال أيار (مايو) الماضي أكثر من ألف شخص وأصيب 2397 بجروح، جراء الأعمال الإرهابية، لكن أرقام وزارات الداخلية والدفاع والصحة تقول إن عدد القتلى 630 شخصاً، والجرحى 1097. أما خلال شهر نيسان (أبريل) الماضي فبلغ عدد الضحايا 712 شخصاً. وتشير الأدلة التي يطرحها المراقبون إلى أن دوافع هذه الأحداث طائفية وسياسية. وفي إحصائية للشهرين الماضيين قتل نحو ألفي شخص، في وقت يتوقع أن تجذب أعمال العنف مجموعات مسلحة من أطراف عدة من شأنها أن تدفع المواطنين إلى القتال. وشهد العراق في الشهور الأربعة الأولى من العام الحالي هجمات إرهابية بمعدل 800 هجمة شهرياً. إن أعمال العنف الدموية التي تقع يومياً في العراق ترسم مستقبلاً مخيفاً لا تلوح في أفقه دلائل إلى نهاية الأزمة، حتى بدأ المواطن العراقي يستعيد أحداث العنف خلال الأعوام 2006 و2007 عندما انزلقت بعض المدن العراقية نحو الاقتتال الطائفي. وتسعى التنظيمات الإرهابية إلى تطوير قدراتها بالتزامن مع ما يحدث في سورية عبر بسط نفوذها بالتعاون مع بعض القوى (... ) المتشددة خصوصاً في مناطق غرب العراق، التي تشهد حراكاً معقداً. ويقول قادة من المعارضة في العراق إن حراك المعارضة السورية منحهم ثقة لمواجهة ما أسموه التمييز الذي تمارسه حكومة نوري المالكي، وإنهم متشائمون من التوصل إلى حل دائم، وإن الحرب السورية أصبحت عاملاً حاسماً في هذا الشأن. إن اتساع دائرة العنف في العراق يضاعف المخاوف من تمزقه تحت وطأة الصراع الطائفي والسياسي الذي امتد من بغداد شمالاً إلى البصرة جنوباً مخلفاً مئات القتلى، ومستهدفاً قوات أمن ومساجد سنية وأحياء شيعية. وعلى رغم أن أي جهة لم تعلن مسؤوليتها عن موجة العنف العراقية الأخيرة، إلا أن تنظيم «القاعدة» ينشط في بعض المناطق دون الأخرى ما يعقد مسار القضاء عليه. وتشير معلومات إلى توجه التنظيمات الإرهابية نحو خطط تتم عبر إعادة تشكيل خلاياها بعد أن تستقطب مجموعات من الشباب، من خلال أساليب تعتمد على الشحن الطائفي فضلاً عن تقديم الدعم المادي. أما المرحلة الأخرى فتتم عبر تدريب المقاتلين في معسكرات خاصة لتعليمهم قتال الشوارع والقنص وإقناع قسم منهم بتنفيذ عمليات انتحارية. ويرى محللون أن التنظيمات الإرهابية ومن خلال قيامها ببعض الأعمال تسعى إلى اختبار القوى الأمنية على الإمساك بالأرض من أجل دراسة الظروف الميدانية لتتسنى لها الفرصة لسحب البساط من تحت أقدام قوات الجيش والشرطة، كما أن بعض هذه المجاميع الإرهابية تحاول انتهاز الفرص لتأجيج المواجهات عند سيطرة «الجيش الحر» على سورية، وتعتقد أنها ستفتح المناطق التي تتواجد بها على سورية وإعلان دولة العراق والشام الإسلامية. وأعلنت المجموعات الإرهابية في وقت سابق عن استعدادها للحرب ضد القوات الأمنية العراقية في مناطقها الزراعية والصحراوية، كما حدث في منطقة الإسكندرية وغيرها وفي مدن نينوى وصلاح الدين والأنبار ومناطق جنوب بغداد وغربها، حيث تعمد هذه المجموعات الإرهابية إلى تعزيز خزن الأسلحة، وإنشاء ساحات لتدريب المقاتلين من الشباب بدل الذين سقطوا في مواجهات مع القوات الأمنية. لكن القوات البرية العراقية أعلنت سيطرتها بالكامل على أكبر معسكر لتنظيم «القاعدة» في الأنبار، وتأمين الحدود العراقية السورية من الداخل بقطعات تابعة لقيادة عمليات الجزيرة على امتداد 640 كلم. أما سياسياً فهناك قلق من بعض القوى جراء السياسات التي يتبعها رئيس الوزراء حيث يرون انه يميل إلى ممارسة الاستحواذ على السلطة وإنه متهم في استخدام سلطته بعد أن أخل بجملة من الوعود التي قطعها على نفسه أمام خصومه.