نزح أحمد علي عام 1992 من مركز ببا التابع لمحافظة بني سويف إلى القاهرة، بعدما انتُزعت منه قطعة الأرض المستأجرة التي ورثها، والتي كان منزله مبنياً عليها، وكان يقتات من زرعها. ورُدّت الأرض إلى مالكها، فلم يجد مأوى له وأولاده الستة، إلا في منطقة قلعة الكبش في القاهرة، ولم يجد له عملاً إلا بائعاً ل"الفَوط" (المناديل) على الرصيف. في المنطقة التاريخية الواقعة خلف قلعة صلاح الدين في القاهرة، يجلس أحمد (63 عاماً) على أريكة صغيرة مستظلاً بمبنى القلعة الضخم من أشعة الشمس، ويسترجع ذكريات الماضي: «كنتُ أعيش بفضل الأرض الإيجار التي ورثتها عن والدي وجدّي. وعام 1991 طالبتني الحكومة بدفع إيجار 850 جنيهاً سنوياً، فلم أمانع، وبعد عام بلغني من الحكومة أن الإيجار غير قابل للتوريث، ويجب أن تعود الأرض إلى ورثة المالك». يلقي علي مسؤولية سحب الأرض منه على الرئيس السابق حسني مبارك، ويقول: «مبارك سحب الأرض مني من دون تعويضي، وأنا أعيل ستة أولاد، فنزلت هنا لأبيع الفوط على الرصيف، من أجل أكل العيش (الخبز)». لكن «أكل العيش» لم يكن خالياً من المنغصات كما أمل علي، ف«مقر الحزب الوطني التابع لمبارك كان قريباً مني، وقسم الخليفة هددني بالحبس، لو لم أترك المكان». غير أنه في إحدى زياراته الجبرية المتكررة إلى قسم الخليفة، التقى علي مدير مباحث العاصمة آنذاك اللواء إسماعيل الشاعر، الذي أعاد الأمل إلى "بائع الفوط". ويشرح في هذا السياق: «بعد عودتي من القسم، توقفت سيارة سوداء أمامي، ونزل منها رجل يحمل في يديه كرتونة مليئة بالحبوب، و3 كيلو لحمة، وطاولة بيض، ووضع في يدي ظرفاً فيه 100 جنيه، وطلب مني صورة البطاقة، فرفضت، فاتصل بالشاعر وبلّغه رفضي، وبعد المكالمة عاد الرجل إلى سيارته من دون تعليق، ومنذ ذلك الوقت وحتى قبل 25 كانون الثاني ( يناير) كنتُ أتلقى شهرياً معونة الشاعر». وبعد أيام عادت المضايقات لتعترض سبيل علي، إذ «اعترضتني بعد أيام سيارة شرطة، وترجّل منها شرطي شاب اسمه هشام هلال، هددني بمحضر إشغال طريق، لو لم أترك مكاني، فاتصلتُ بمكتب اللواء إسماعيل الشاعر، وأبلغته... لحظات، وكان أمامي رئيس مباحث الخليفة طارق زايد، وأبلغني أنني في حمايته الشخصية، وأن القسم أمر حي الخليفة والمقطم بعدم التعرّض لي، ومنذ عام 1998 وأنا هنا». لأحمد علي الآن 10 أولاد يبدو راضياً عما آلت إليه أحوالهم، ويقول: «زوّجت خمس بنات، وعندي ولد في الجيش، وولد في السنة الرابعة في كلية تجارة عين شمس، وولد في الثانوي أزهري، وابنتان في الثانوي صنايع». وعن قدرته على تأمين متطلباتهم والإنفاق عليهم يجيب: «أولاد الحلال ما فيش أكثر منهم في مصر».