أكد رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية المصرية أشرف الشرقاوي، أن «لا خطط لوقف التعامل في سوق المال في30 حزيران (يونيو) الحالي»، الذي يشهد تحركاً دعت إليه المعارضة بتنظيم احتجاجات حاشدة فيه. وتكبّدت البورصة المصرية خسائر كبيرة نتيجة القلق مما ستسفر عنه الاحتجاجات المقررة في 30 الجاري، والذي يوافق مع الذكرى الأولى لتنصيب الرئيس محمد مرسي المنتمي إلى «جماعة الإخوان المسلمين». وعن مخاوف المستثمرين من إقفال البورصة في حال تدهور الوضع الأمني في التظاهرات، أعلن الشرقاوي في مقابلة مع وكالة «رويترز»، أن البورصة «ستعمل في شكل طبيعي، ولن تتوقف التداولات في السوق ما دامت المصارف تعمل ووسائل الاتصالات متاحة للجميع». وتخطط حركات شبابية كثيرة نابعة من انتفاضة «25 يناير» وبعض الأحزاب المصرية المعارضة لتنظيم تظاهرات حاشدة نهاية الشهر الجاري، للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة والاحتجاج على سياسات مرسي. وتمرّ مصر منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في اضطرابات سياسية وتشريعية وقضائية وتدهور اقتصادي وانفلات أمني. وأوضح الشرقاوي، أن «قرار وقف السوق سهل جداً، لكن قرار عودة التداولات بعدها هو الأصعب». وكانت البورصة أوقفت معاملاتها على مدى 38 جلسة عام 2011 ، بسبب الاحتجاجات الشعبية العارمة التي أسفرت في نهاية المطاف عن تنحي مبارك عن الحكم. وشهد مقر البورصة المصرية آنذاك احتجاجات للمستثمرين الصغار الأفراد، المطالبين بتأجيل عودة التداول في السوق خوفاً من هبوط أسهمهم وتكبدهم خسائر كبيرة بسبب الأحداث السياسية. وإذا كانت الهيئة والبورصة مستعدتين لأي طارئ في 30 الجاري، كشف الشرقاوي عن «إجراءات كثيرة يمكن اتخاذها لحماية السوق في حال اقتضت الحاجة»، من دون أن يتحدث عن مضمون هذه التدابير. ووسط تدافع على البيع وأجواء قلق وترقب، انخفض المؤشر الرئيس لبورصة مصر 14.5 في المئة في الأسبوعين الماضيين. وعزا الشرقاوي هذه الخسائر إلى «حال عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والتوقعات السلبية المبالغ فيها للسوق». وأدت الخلافات بين مرسي ومعارضيه إلى اضطرابات منذ نهاية العام الماضي، ما يقوّض الآمال في حدوث انتعاش اقتصادي، في وقت تعاني مصر مشاكل في تأمين الطاقة والاستثمارات وارتفاع عجز الموازنة ومعدل البطالة. وتواجه الحكومة التي يصفها المعارضون بالضعف، نقصاً في السيولة وتراجعاً في عائدات السياحة وفي احتياطات العملة الصعبة، وعجزاً عن التوصل إلى اتفاق للحصول على قرض حيوي من صندوق النقد الدولي بسبب إجراءات التقشف المطلوبة. ولم ينكر الشرقاوي، «وجود أخبار سلبية وعدم استقرار»، لكن اعتبر أن «رد الفعل في التراجع كان مبالغاً فيه، وكانت تُنفّذ عمليات البيع من دون تمييز في الأسهم»، مشيراً إلى أن «حالة بيع عامة طغت على السوق». وخسرت الأسهم المصرية 44.4 بليون جنيه ( 6.35 بليون دولار) من قيمتها الترسملية خلال الأسبوعين الماضيين، وسط ما وصفه متعاملون ب «هرولة للبيع والفرار من سوق المال قبل تظاهرات 30 حزيران». وزادت معاناة السوق، بعدما أعلنت شركة «أم أس سي آي» لمؤشرات الأسواق الأسبوع الماضي، أن في حال تدهورت سوق الصرف الأجنبي في مصر وحالت دون تحويل المستثمرين الأجانب أموالهم إلى الخارج، ربما تضطر إلى التشاور مع المستثمرين في شأن احتمال استبعاد مصر من مؤشرها للأسواق الناشئة المستخدم من جانب مديري الصناديق الدولية. وعن معنى احتمال خروج مصر من هذا المؤشر، أكد الشرقاوي أن «التأثير المباشر (...) كان مبالغاً فيه»، إذ إن مصر «لم تُستبعد من المؤشر ولم يُعد تصنيفها بل سيُعاد النظر في مدى توافر العملة الصعبة لخروج المستثمرين». وشدد على أن «أي مستثمر أجنبي يحول أمواله من الخارج لتوظيفها في البورصة المصرية، لا يواجه أي صعوبات لدى تحويلها مرة أخرى إلى الخارج». وتسجل بورصة مصر عزوفاً من المستثمرين عن ضخ أموال جديدة، في ظل حال الضبابية والتشاؤم المسيطرة على الرؤية الاقتصادية والسياسية. وتتهم المعارضة مرسي و«جماعة الإخوان المسلمين» المنتمي إليها، بالسعي إلى الهيمنة على مصر، وتطالب بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة لإنهاء فترة ولايته البالغة أربع سنوات. وقال الشرقاوي «لا استطيع التدخل في القرار الاستثماري للمتعاملين في السوق، ويكون دوري التوعية ومساعدة المستثمر». ولفت إلى أن الأسعار الحالية هي «انعكاس للظروف»، مشيراً إلى أن «لدى المستثمر حالاً من الذعر»، سائلاً «كيف أستطيع منعه من البيع في السوق والخروج منها». وفي وقت يسعى المستثمر المصري إلى البيع والخروج من السوق، رأى الشرقاوي أن «الوقت ليس ملائماً أيضاً لجذب المستثمر الأجنبي إلى البورصة على رغم جاذبية الأسعار، لأن لديه نظرة أخرى للظروف السياسية والتصنيف الائتماني للبلد الذي ينوي الاستثمار فيه». وكانت مؤسسة «ستاندرد أند بورز» خفّضت تصنيف مصر إلى «سي سي سي بلاس»، في حين تصنّفها «موديز» عند «سي إيه إيه وان»، وهو مستوى مرتفع من الأخطار. وأوضح الشرقاوي، أن «التوقيت يضطلع بدور رئيس في جذب الاستثمارات إلى السوق». وسأل «إذا نصحت بفندق متميز جداً في تركيا الآن وبأسعار جاذبة، فهل ستذهب في هذا التوقيت؟».