لدى كل فريق سيناريوهاته ليوم 30 الشهر الجاري، وربما أحلامه أيضاً، واحتاج فهم ما بين سطور خطط التعاطي مع اليوم الذي صار ينتظره طرفا الصراع في مصر الى جولة على قادة الطرفين ورموزهما لادراك أن الأمر لا يتوقف فقط عند ما سيحدث في ذكرى جلوس الرئيس محمد مرسي على مقعد الرئاسة، وإنما أيضاً ما بعد ذلك اليوم سواء صمد الرئيس وحزبه وجماعته وأنصاره أو سقط أو اضطر إلى تقديم تنازلات تصل إلى حد إعلانه عن انتخابات رئاسية مبكرة. تكتشف أن الطرفين يراهنان أيضاً على موقف الجيش الذي كان أعلن حياده إلا إذا! وبينما تسعى الرئاسة والإسلاميون لمنع اضطرار الجيش إلى الزحف فإن الطرف الآخر يصعد كل جهوده ليجبر الرئيس على التنازل والحزب على التراجع والجماعة على الانسحاب والإسلاميين على الخضوع والجيش على النزول! يراهن فريق مرسي على فشل كل قوى المعارضة بمختلف أطيافها ومسمياتها في حشد جموع وجماهير وفئات من الشعب تفوق أعدادها أو تصل إلى الحشود التي اندفعت إلى الشوارع وبقيت رهن الاعتصام مع بداية ثورة 25 يناير. ويعتقد «الإخوان» بأن المعارضة قادرة على الحشد، نعم، لكنها لن تستطيع أن تصل بأعداد المحتجين إلى حد ثورة أخرى. وأقصى ما يمكن أن يحدث، من وجهة نظر الرئيس وأنصاره، أن يتجمع بضعة آلاف حول أسوار قصر الاتحادية وميدان التحرير، وبالقرب من مقار «الإخوان» وحزب الحرية والعدالة في بعض المحافظات، خصوصاً في الوجه البحري، وأن يستقطب العنف كاميرات الفضائيات ويتكرر المشهد الليلي المعتاد «مولوتوف وخرطوش وليزر وحجارة وكر وفر» بين المحتجين والشرطة، أو بين المتمردين والمتجردين ومرور الوقت من دون تحول الأمر إلى ثورة شعبية، وارتفاع الحرارة في الصيف وقرب حلول شهر رمضان المبارك كفيل بأن تمر العاصفة من دون أن يضطر الرئيس إلى القفز من السفينة أو الغرق بها. في سبيل ذلك سعى الحكم وأنصاره إلى استقطاب البسطاء بعيداً عن ذكرى «الجلوس» بافتعال مؤتمرات عن «أزمة المياه» مع أثيوبيا تارة أو لنصرة الشعب السوري تارة أخرى، لكن المحصلة حتى الآن ليست في مصلحته، إذ تظل محافل كتلك محل اهتمام أنصار الرئيس فقط بل أحياناً ما تستفز بعض الذين يقاومون حيادهم! لا يبدو أن الحكم في سبيله لاستباق «اليوم الموعود» بتنازلات لامتصاص غضب بعضهم بل يعتمد الأسلوب نفسه الذي اتبعه دائماً: تحصين القصر وتعلية أسواره وتأمين أبوابه وحشد أنصاره حول مقار «الحرية والعدالة» و»الإخوان» إلى عروض القوة عبر مليونيات إسلامية. كل ذلك بالتوازي مع جهود لتفتيت الفريق الآخر وزرع التناقضات بين مكوناته، ذلك الفريق الذي يعاني فعلاً اختلافات فكرية وتباينات حركية لكنه حتى الآن أجاد التعامل بمرونة مع تناقضاته متفادياً الخوض في مسألة ما بعد سقوط الحكم حتى يسقط. يراهن المتمردون على حركة الشارع وغضب الجماهير وأخطاء الحكم ويدركون أن الأحداث ستصنع نفسها وستفور بفعل الأخطاء وسلوك الحكم وأنصاره، ويعتقدون بأن التشبث بالحكم سيدفع ب «الإخوان» إلى العنف، ما سيصب في النهاية في اتجاه تدخل الجيش، وهم يراقبون موقف جناح من السلفيين تحفظ كثيراً عن تصرفات الحكم وسياساته ويروجون لأخطاء دفعت إلى أزمات حياتية ومعيشية أضرت بقطاعات جماهيرية واسعة ويعتمدون أساليب بسيطة وإن كانت مبتكرة لتحقيق انتشار جغرافي أوسع وتأثير معنوي أكبر. الفريقان ينتظران يوم 30 الشهر: الإسلاميون لإعلان هزيمة المتمردين وتهيئة المناخ لمزيد من النهضة، والمعارضون للخلاص من حكم جماعة تبين في السنة الأولى لحكمها أن النهضة التي وعدت بها لم تفض إلا إلى سد أثيوبي.