أعلن آخر المعتصمين في حديقة «غازي بارك» أمس، استمرار تحركهم الذي بدأ قبل أسبوعين في «ساحة تقسيم» وسط مدينة إسطنبول التركية، وأطلق احتجاجاً شعبياً ضد رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، وذلك على رغم تقديم الأخير تنازلات عبر وعد المعتصمين بأنه سينتظر قرار القضاء في شأن مشروع تطوير الحديقة، والذي أغضب حماة البيئة. لكن حكومته استأنفت أخيراً قراراً أصدرته محكمة إدارية في 31 أيار (مايو) الماضي بوقف أعمال بناء ثكنات عسكرية على الطراز العثماني تضم مسجداً في الحديقة، ما يعني أن الإجراءات القضائية قد تستمر شهوراً. وليل الجمعة – السبت، فرقت شرطة مكافحة الشغب بالغاز المسيل للدموعة متظاهرين في أنقرة. وأوقفت الشرطة أكثر من 30 شخصاً، علماً أن أردوغان تعرض لانتقادات في الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي بسبب تحذيراته والتصرف العنيف للشرطة. وأعلنت لجنة «تضامن تقسيم» التي تنسق التحرك الاحتجاجي في بيان نشرته على شبكة الإنترنت، رداً على تعهد أردوغان أول من أمس ألا ينفذ أي تغيير في حديقة «غازي بارك» ما دام القضاء ينظر في المسألة: «تجاهلت الحكومة مطالب واضحة وشرعية منذ بداية مقاومتنا وبينها محاسبة المسؤولين عن إجراءات القمع التي اتخذتها الشرطة وأسفرت عن 4 قتلى و7500 جريح، وإطلاق زملائنا المعتقلين. كما حاولت شق صفنا واستفزازنا وتقويض شرعيتنا». وزادت اللجنة، بعد نقاش استمر ليلاً بين المعتصمين، وهم عدة مئات: «إننا أقوى اليوم وأفضل تنظيماً وأكثر تفاؤلاً منه قبل 18 يوماً»، حين بدأت مجموعة صغيرة من الناشطين البيئيين الاعتصام في الحديقة رفضاً لمشروع بناء أعدته السلطات، و «سنتابع مقاومتنا ضد الظلم في بلدنا، وليس ذلك إلا البداية، وسنواصل النضال». ويعتبر معتصمو «تقسيم»، على غرار باقي المتظاهرين في أنحاء البلاد، أن حزب «العدالة والتنمية»، المنبثق من التيار الإسلامي والحاكم منذ عام 2002، «فقد شرعيته الوطنية والدولية بسبب جهوده للتقسيم والتسبب في المقاومة» في «ساحة تقسيم». كما يتهمون رئيس الوزراء أردوغان بالسعي إلى «أسلمة» تركيا العلمانية. وقال مصطفى (43 سنة): «لن نخلي الحديقة. لماذا نفعل ذلك بعدما حققنا ما حققناه؟ عانينا الكثير، ولا يمكن أن نعود إلى الوراء»، مشيراً إلى الجرحى الذين أصيبوا لدى استخدام الشرطة القوة لإخراجهم من الساحة. وصرح طالب الطب عطا: «سنبقى هنا حتى تلبية مطالبنا، وإذا كان أردوغان يريد أن يظهر قوته لتخويفنا، وتهديدنا، نحن هنا لهذا السبب تحديداً، ولن تعود الأمور كما كانت في تركيا بعد أسبوعين من التعبير والحرية». أما علي أوزغون فقال: «لا نثق بأردوغان ولا برئيس بلدية إسطنبول، حسين عوني، لأنهما أعلنا أنهما لن يهاجماننا، لكنهم فعلا ذلك». الشارع المقابل ونظم حزب «العدالة والتنمية» مسيرة في أنقرة أمس، وقرر تنظيم أخرى في إسطنبول اليوم. وقال أردوغان إن «التجمعين يمهدان للانتخابات البلدية المقررة في 2014، ولا علاقة لهما باحتجاجات حديقة «غازي بارك». لكن كثيرين يرون أنها استعراض للقوة في مواجهة الاحتجاجات. وليل أول من أمس، تظاهر أكثر من ألفي شخص من الأقلية التركية في مقدونيا العاصمة سكوبي ومدينة غوستيفار المجاورة تأييداً لأردوغان. ورفع حوالى 1500 متظاهر في غوستيفار التي تبعد 70 كيلومتراً من غرب سكوبي وتضم أكبر جالية تركية في مقدونيا (55 ألفاً) لافتات كتب عليها: «أردوغان لن يستقيل». وفي العاصمة سكوبيي، تظاهر أكثر من 500 شخص تلبية لدعوة جمعيات تركية في مقدونيا، رافعين أعلاماً تركية ومقدونية ومرددين «أردوغان نحن معك». ونقلت قناة «تي آر تي» التركية العامة مباشرة وقائع التظاهرتين اللتين لم تشهدا حوادث. غل إلى ذلك، أشاد الرئيس عبد الله غل بالمحادثات التي أجراها أردوغان أول من أمس مع 8 فنانين واثنين من أعضاء «منبر تقسيم»، ودعا المتظاهرين إلى العودة إلى منازلهم. وقال غل: «أكدت منذ اليوم الأول من الاعتصام أن «ديموقراطيتنا جرى امتحانها، واللقاء بين أردوغان والمحتجين وفتح قنوات حوار إشارة إلى نضج الديموقراطية والتي ستثمر نتائج جيدة». متهم بانقلاب في 1997 يحاول الانتحار حاول رئيس مجلس إدارة الجامعات التركية السابق، كمال غوروز، المعتقل في إطار التحقيق بقضية انقلاب شباط (فبراير) 1997 الانتحار أمس. وأوردت صحيفة «زمان» أن غوروز، المعتقل المدني الوحيد في إطار هذه القضية، نقل إلى مستشفى السجن، بعد أن أبلغ نزلاء الحراس بأنه قطع شرايين معصميه. وأشارت إلى أنه في حالة جيدة. وكانت وسائل إعلام تركية أوردت الجمعة، أن محكمة الجزاء قررت الإفراج عن 37 شخصاً من أصل 75 متهماً بالمشاركة في الانقلاب. واعتقل غوروز في 25 حزيران (يونيو) 2011 في إطار التحقيق في قضية انقلاب 28 شباط التي طاولت قادة عسكريين سابقين كباراً بسبب الانقلاب الذي دبروه على حكومة نجم الدين أربكان، وفي مقدمهم رئيس الأركان السابق الجنرال إلكار باشبوغ، ونائبه الجنرال شفيق بير.