تستكمل مكتبة الإسكندرية في إطار مشروع «ذاكرة مصر المعاصرة»، ملفاً لصور الملك فاروق الأول (1920- 1965) حاكمها العاشر من أسرة محمد علي. وأحدث ما تلقته المكتبة، مجموعة من ألبومات الملك الراحل كانت موجودة في وزارة السياحة، كما تلقت صوراً أخرى كانت محفوظة في بيوتات مصرية فضل أصحابها إهداءها إلى المكتبة لتوضع في متناول الجميع. في المجموعة صور تجمع الملك المصري بالملك عبدالعزيز آل سعود، التقطت أثناء زيارة الملك فاروق للسعودية عام 1945، وأثناء زيارة الملك عبدالعزيز لمصر عام 1946. وعن هذه الزيارة، وردت في موسوعة كتاب «مقاتل من الصحراء» للأمير خالد بن سلطان مقاطع نقتطف منها: «ألقى الملك عبدالعزيز نظرة خاطفة على ديار وادي النيل، عقب اجتماعه في البحيرات المرة بالرئيس الأميركي روزفلت عام 1364ه/ 1945، فخص ذلك القطر بزيارة ثانية، لتكون خالصة للديار المصرية. وتلقى دعوة من الملك فاروق الأول لزيارتها. واستعدت مصر للقاء ضيفها استعداداً منقطع النظير. ووصلت إلى ميناء جدة ثلاث سفن مصرية مزدانة بالأعلام والشارات، تحمل إحداها بعثة شرف، كان من ضمنها الأديب عباس محمود العقاد والأديب إبراهيم عبدالقادر المازني، أوفدت لمرافقة الملك عبدالعزيز في قدومه إلى السويس. ونزلت بعثة الشرف بجدة، فصحبت الملك عبدالعزيز إلى اليخت «المحروسة»، وتحرك اليخت عصر الإثنين 4 صفر 1365ه/ 6 كانون الثاني (يناير) 1946، تحرسه الطوافة «الأميرة فوزية» والطوافة «الأمير فاروق». ومر اليخت صباح الخميس 7 صفر أمام فنار «زينوبيا»، حيث كانت في انتظاره زوارق البوليس المصري، ومصلحة خفر السواحل، فأحاطت به للحراسة. وعلى مقربة من بور توفيق بالسويس، حلق فوق اليخت سرب من طائرات سلاح الطيران المصري، وأطلقت قلعة السويس 21 طلقة مدفعية، ورسا اليخت بميناء بور توفيق، ضحى الخميس، وصعد ملك مصر، فاروق الأول، لمعانقة العاهل السعودي. وقدم الضيف إلى المضيف من كان معه من الأمراء والوزراء وكبار الحاشية. كما قدم المضيف رئيس وزرائه محمود النقراشي باشا، ورئيس ديوانه، ووزير خارجيته وبعض كبار موظفيه. وركب الملكان القطار الخاص من السويس إلى القاهرة. وازدحمت الجماهير على طول الخط الحديدي، وازدانت محطات القطار بالزينات والأعلام. وكان فرسان العرب يسابقون القطار على صهوات الجياد. وفي محطة القاهرة، وكان كبار الدولة في الاستقبال. وقدمهم المضيف إلى الضيف بأسمائهم. ثم ركب الملكان إلى قصر عابدين. وبعد استراحة فيه، انتقل الملك عبدالعزيز وحاشيته إلى قصر الزعفران، المعد لإقامته. وتتابعت في الأيام التالية الولائم والرحلات والحفاوات، وزار الملك عبدالعزيز الهيئات العلمية، وجرى له احتفال في جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة الآن)، وأنشد أمامه طلبة الكلية الحربية نشيد «حفظ الله الملك». وقدمت له الجامعة ميداليتين تذكاريتين، وقدم له طلبة الشرطة المصرية درعاً، سرّ به الملك وقال عنه: «إنه درع يحمي مودة البلدين». وأقيم عرض عسكري ضخم على شرف الملك. وحضر سباق الخيل، وزار القناطر الخيرية، والبرلمان، والمتحف الزراعي، وحديقة الحيوانات، ومصانع الغزل والنسيج في المحلة الكبرى، ومزرعة أنشاص. وسافر بالقطار إلى الإسكندرية، يرافقه رئيس الوزراء محمود النقراشي باشا، فزار معالمها، وبات بها في قصر رأس التين. وعاد إلى القاهرة حيث نزل بقصر الزعفران. وأقام له أمين عام الجامعة العربية عبدالرحمن عزام باشا، مأدبة في مبنى الجامعة العربية. واختتمت الزيارة بمأدبة غداء فاخرة في قصر عابدين، أقامها الملك عبدالعزيز للملك فاروق ورجالات مصر يوم الإثنين 18 صفر/ 21 كانون الثاني (يناير). وقيل إن نفقاتها بلغت 2500 جنيه مصري. أمضى الملك عبدالعزيز اثني عشر يوماً في وادي النيل، وما رُئي وجهه يطفح بالبشر كما كان في أيامه هذه بمصر. زار وادي النيل، ورحب به الجميع من مختلف الأحزاب والطوائف. وكان الملك عبدالعزيز يجلس للقادمين للسلام عليه في قصر الزعفران مجلساً عاماً، ويستقبل وفوداً من العلماء والأدباء ورجالات الدولة والسياسة في مصر، مرحبين به، يتشاورون معه ويتحاورون. وفي نهاية الزيارة، جرى وداع الملك عبدالعزيز في محطة مصر للقطارات بوسط القاهرة، يوم الثلاثاء 19 صفر 1365ه/ 22 كانون الثاني (يناير) 1946، وكان الإبحار من ميناء بور توفيق، في أصيل اليوم نفسه، على اليخت «محروسة»، ووصل إلى جدة في صباح الجمعة 22 صفر 1365ه/ 25 كانون الثاني 1946».