حذرت منظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسيف) أمس في تقرير بعنوان «الحياة المحطمة»، من أن جيلاً كاملاً من الأطفال السوريين قد يحرم التعليم، مشيرة إلى مخاطر تتهدد الأطفال والنساء اللاجئين في الأردن بينها الزواج المبكر والتجنيد لصالح مجموعات مسلحة في النزاع المستمر منذ أكثر من سنتين. وقالت المنظمة في التقرير الذي جاء في خمسين صفحة إن «جيلاً كاملاً من الأطفال السوريين، إناث وذكور، مهددين بفقدان التعليم». وأضافت أن «نحو 78 في المئة من الأطفال في مخيم الزعتري (شمال الأردن) وما بين 50 في المئة إلى 95 في المئة في المجتمعات المضيفة خارج المخيم لا يذهبون إلى المدرسة». ووفقاً للمنظمة فإن هناك أسباباً عدة تمنع هؤلاء الأطفال من الذهاب للمدرسة بينها «إيمانهم بأنهم سيعودون قريباً إلى سورية والخوف من العنف والتحرش في الطريق إلى المدرسة إضافة إلى عمل بعض الأطفال». ويشكل الأطفال 53 في المئة من العدد الكلي للاجئين السوريين في الأردن الذي يقول إنه يستضيف أكثر من 540 ألفاً بينهم نحو 150 ألفاً في مخيم الزعتري. ويضم المخيم مدرستين تضمان نحو عشرة آلاف طالب فيما يحتاج قرابة 25 ألفاً إلى الانخراط بالتعليم. وتجاوز عدد الطلاب السوريين الملتحقين مجاناً بمدارس المملكة الحكومية 55 ألفا. وأشارت «يونيسيف» في التقرير إلى «تدهور الأوضاع الأمنية في مخيم الزعتري وانتشار السرقات والتخريب»، محذرة من «مخاطر تهدد الأطفال السوريين في الأردن وتتطلب التدقيق فيها مثل الزواج المبكر، عمالة الأطفال، نشاطات عصابات وادعاءات بالتجنيد لصالح مجموعات مسلحة». ونقلت عن بعض السوريين قولهم إن «هناك أطفالاً يقيمون الآن في مخيم الزعتري كانوا متورطين مع المجموعات المسلحة التي تقاتل في سورية»، مضيفة أن «بعض الفتيات المراهقات كن يطبخن للمسلحين خصوصاً لدى مجيئهم إلى بيوتهن». وتابعت أن «بعض الأطفال الذكور يعودون إلى سورية بعد أن يستخدموا مخيم الزعتري كمصدر موقت لتلقي العلاج الطبي». وقالت المنظمة إن «بعض اللاجئين السوريين ومقدمي الخدمات يعتقدون أن هؤلاء الصبية يعودون إلى سورية للقتال بمحض إرادتهم»، مشيرة إلى «وجود ادعاءات أخيراً بأن مجموعات مسلحة قادمة من سورية تجند أطفالاً من المخيم». من جهة أخرى، قالت المنظمة إن «هناك تقارير متزايدة بشأن نشاطات لعصابات داخل مخيم الزعتري يتورط بها معظم الرجال السوريين، ولكن أيضاً بعض الأطفال». وأشارت إلى أن «تلك العصابات مرتبطة بشوارع معينة ومناطق معينة بالمخيم». وأضافت المنظمة أن «بعض اللاجئين وعاملي الإغاثة تحدثوا عن عصابات تتحكم بتوزيع المساعدات الأساسية ويلعبون دور من الأحق بالمساعدة ومن يحق له الوصول إلى نقاط البيع ويحددون كذلك السعر في سوق سوداء، ويهدد أعضاء تلك العصابات من يعصي أوامرهم». وأشارت المنظمة في تقريرها إلى «الزواج المبكر لفتيات تحت سن 18 في عائلات قادمة من سورية حيث السن القانوني للزواج هو 16 بينما تتزوج فتيات بسن 13». وقالت إنه «لا يعرف مدى حصول زواج مبكر في مخيم الزعتري، لكن هناك أدلة غير مؤكدة على تحول من زواج الفتيات من صبية بأعمار متقاربة إلى الزواج من رجال يكبرونهن بكثير في الأردن، فيما تسعى بعض العائلات إلى تأخير زواج بناتهن بسبب الأوضاع غير المستقرة». وحذرت المنظمة من وجود «قصور كبير في التمويل» لعون اللاجئين السوريين، مضيفة أنه «ما لم تتغير استجابة المجتمع الدولي للأزمة وبسرعة، فإن أوضاع اللاجئين السوريين في الأردن ستسوء تدريجياً بما يجعل من الصعب الدفاع عنهم». ووفقاً للأمم المتحدة فان أكثر من 1.6 مليون سوري فروا من بلادهم إلى الدول المجاورة منذ بداية النزاع في آذار (مارس) 2011 والذي أسفر حتى الآن عن مقتل أكثر من 93 ألف شخص بينهم 6500 طفل على الأقل. وفي دمشق، دعا مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية السلطات السورية إلى السماح بإيصال مساعدات إنسانية لتلبية الاحتياجات الماسة لأكثر من 1.2 مليون شخص في ريف دمشق. وقال المكتب في بيان إن «الأممالمتحدة تقدر أن هناك أكثر من 1.2 مليون شخص في المناطق التي يصعب الوصول إليها في ريف دمشق بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية». وأضاف أن وكالات الأممالمتحدة «قدمت ثلاثة طلبات رسمية إلى الحكومة السورية للوصول إلى هذه المنطقة وتقديم المساعدات المنقذة للحياة، وتم إعادة تحديد موعد السماح للقوافل التي تقودها الأممالمتحدة والتي تحمل معظم مواد الإغاثة اللازمة سبع مرات منذ ذلك الحين وهي بانتظار إذن رسمي من السلطات المعنية». واعتبر المكتب أن هذا الوضع «لا يعكس التعهدات المتكررة من جانب السلطات السماح للجهات الفاعلة الإنسانية بالوصول إلى كافة المناطق في سورية التي تشهد حاجة ملحة للمساعدات الإنسانية»، متحدثاً عن «المعاناة الهائلة» لسكان مدينة معضمية الشام (جنوب غربي دمشق)، حيث لم تتلق نحو خمسة آلاف أسرة المساعدات الكافية منذ أشهر. وطالبت الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة «كافة الأطراف المعنيين بتسهيل الوصول الفوري إلى المعضمية والمناطق المتضررة الأخرى في مختلف أنحاء البلاد»، مجددة التزامهما «بمواصلة توسيع الاستجابة الإنسانية» للوصول إلى جميع المتضررين في مختلف أنحاء البلاد.