«الثقافة والفن الكرديان» عنوان يبدو جديداً على مسامع الكرد ويومياتهم، لا سيما بعد تناسي ثقافتهم في سورية منذ أكثر من أربعين سنة من حكم حزب البعث، بل حتى إن مسألة الاعتراف باللغة الكردية لم تكن مباحة في أضيق حدودها. لكن الآن، تقيم الهيئة الكردية العليا، وهي الهيئة التي تدير المناطق الكردية المحرّرة من النظام السوري بالتعاون مع مركز الثقافة والفن في منطقة الدرباسية التابعة لمحافظة الحسكة، «أسبوع الثقافة والفن الكردي» الذي يفتتح غداً ويستمر حتى 21 الجاري. ولعلّ الأكثر تميزاً في النشاط، تنوع المضامين الثقافية، من تشكيل ومسرح وأدب وموسيقى ومحاضرات وغيرها، والتعريف بكثير من المثقفين الكرد الذين لم ينالوا فرصتهم سابقاً، على رغم إقامة أنشطة مشابهة في إقليم كردستان العراق. يفتتح الأسبوع بمعرض للفن التشكيلي يشارك فيه 52 تشكيلياً كردياً، منهم من هو معروف، وآخرون من الشباب، فضلاً عن محاضرة يلقيها التشكيلي منير شيخي عن «التشكيل المعاصر بين جدلية الفهم والتفكير والتذوق والشعور» في اليوم الثاني. وتستضيف الاحتفالية محاضرة عن «قواعد اللغة الكردية» يلقيها اللغوي دحام عبد الفتاح، في حين سيكون متذوقو الشعر على موعد مع أمسية يحييها 11 شاعراً. وخصص اليوم الخامس للمسرح والغناء، وتتخلله محاضرة عن «مدخل في فن التمثيل المسرحي» يلقيها الكاتب داريوس داري، وأخرى عن «أنماط الغناء الكردي» يلقيها الفنان شكري سوباري. كما يستضيف المهرجان أمسية قصصية باللغتين الكردية والعربية، بمشاركة سبعة كُتاب، فيما يختتم الأسبوع بحفلة موسيقية تحييها مجموعة من الفنانين. يقول الفنان الشاب محمد كوتي ل «الحياة»: «تأتي أهمية هذه التظاهرة في فترة تشهد سورية والعديد من دول الشرق الأوسط ثورات واضطرابات، كونها الأولى من نوعها في وطننا عموماً ومنطقة الجزيرة وغربي كردستان خصوصاً، حيث يجتمع فنانون وموسيقيون وشعراء ومثقفون كرد ضمن أسبوع ثقافي، فجزء من الثورة سلمي ومتمثل في إحياء الثقافة والتعليم والتعريف بالفن والثقافة، وهذا النشاط من الثمار التي بدأنا نتلمسها في منطقتنا».فالفن التشكيلي، بحسب كوتي، إنما هو من «المجالات التي تميز بها الفنانون الكرد في سورية، لأنهم متميزون بطابعهم الأقرب إلى حياة الريف والطبيعة وهو تأثير طبيعي للبيئة التي عاشوا فيها والسمة التي تجمع نتاجهم على رغم اختلاف الأساليب والمواضيع والمواد والتقنيات». ويستشهد كوتي الذي أقام العديد من المعارض، وهو متخرج من كلية الفنون الجميلة في دمشق، بقامات تشكيلية كردية مثل عمر حمدي الذي يعتبر شيخ الفنانين الكرد السوريين، لمع نجمه في أرجاء العالم بألوانه ولمسات ريشته، وبهرام حاجو الذي تميز بتعبيريته من خلال جسد الرجل والمرأة والمساحات الجريئة ضمن كتلة متماسكة، مستمداً عالميته من خلال هذه المفردات، وزهير حسيب الذي صنع من الفولكلور الكردي الغني بالألوان لغة فنية وأسلوباً مميزاً، فضلاً عن عبد الكريم مجدل بيك وعدنان عبد الرحمن وعمران يونس وحسكو حسكو... بهذه المشاركات من مختلف الأطياف الثقافية، يُعد هذا الأسبوع الثقافي فرصةً جيدة للتعريف بالثقافة والفن الكرديين في مناطق وجود الكرد، وتتوقع اللجنة التحضيرية المنظمة للمهرجان أن يكون الحدث مشهوداً على رغم الظروف السيئة التي تمر بها تلك المناطق. فمدينة الدرباسية تقع غرب مدينة عامودا الكردية، تضم عدداً كبيراً من المثقفين الكرد في كل المجالات، وقد يكون اختيارها موفقاً لحملها إرثاً ثقافياً غنياً.