يرصد مشروع «قصص التغيير» الفني (معرض وكتاب مصور وأفلام فيديو) التحولات الاجتماعية والفنية في بلدان الربيع العربي وصداه في الجزائر والمغرب، والوقوف ملياً أمام بعض التجارب الإنسانية المريرة والمليئة بالتحدي والتضحية، كما في قصة الطفلة «شهد» من ليبيا. يرتكز المشروع الذي بادرت إليه «المنظمة العالمية للصورة الصحافية» ومركز الصورة المعاصرة في القاهرة الذي يحتضن الحدث، على الفوتوغرافيا الوثائقية وال «فيديو آرت». وتشرح منسّقة المعرض هدير أحمد أن «قصص التغيير» يقدم رؤى المصورين الصحافيين والمشتغلين في مجال «الميديا» الذين شاركوا في هذا المشروع على مدى عامين برعاية منظمة «مراقبة حقوق الإنسان». وهم مصورون من المغرب وتونس والجزائر وليبيا ومصر، رُتّبت لقاءات بينهم، نتج منها كتاب مصور يضم أبواباً عدة عن مراحل ثورات الربيع العربي منذ بدئها وحتى تداعياتها على المستويين الأساسيين للمشروع الاجتماعي والفني. ودُشّنت ثلاثة مواقع إلكترونية لمتابعة هذه الأعمال عبر الإنترنت. يتصدّر الكتاب صورة للرئيس المصري الأسبق حسني مبارك مع الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة في الجزائر. وفيه صورة لمتظاهرين يحاصرون إحدى قيادات الشرطة في الجزائر في 22 كانون الثاني (يناير) 2011، وأخرى لمجموعة من الثوار يرفعون العلم الليبي القديم فوق آلية عسكرية في بنغازي. ومن أتون «ثورة 25 يناير» في مصر، صورة نادرة التقطها جان دييغو لمجموعة من المصلّين في ميدان عبد المنعم رياض وخلفهم ثلاث مدرعات للجيش في 20 شباط (فبراير) 2011. ولأن فهرسة الكتاب لا تعتمد على الترتيب الزمني وإنما على قوة الصورة ومدى الايحاء وأهمية الحدث، نجد صورة لمتظاهر مصري يدوس صورة كبيرة لمبارك في 8 آب (أغسطس) 2010. «الثورة تتقدم... الإرهاب يندحر» عنوان لافت لجزء مميز من الكتاب أعده المصور روجر آريس الذي يرصد حال السياحة المتدهورة في مصر بسبب أحداث الثورة وما بعدها، منها صورة لطائرة شبه خاوية في رحلتها من مدينة الغردقة السياحية إلى القاهرة في 13 أيلول (سبتمبر) 2013، وأخرى لحارس معبد حتشبسوت في الأقصر يجلس وحيداً أمام المعبد الذي كان يقصده آلاف السياح، في تشرين الأول (أكتوبر) 2013، وأخرى من داخل المتحف المصري وخلفه مبنى الحزب الوطني، وآثار الحريق تنطق بما حدث. ومن الصور اللافتة تلك التي توثق زيارة الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي للشاب محمد بوعزيزي الذي أحرق نفسه وفجّر «ثورة الياسمين» داخل المستشفى. «شهد» وعلى رغم أن المعرض يركز على أربعة أعمال فيديو كي تتاح مناقشتها في حضور مخرجيها، فإن هناك أفلاماً أخرى جديرة بالتأمل، منها فيلم المخرج التسجيلي الليبي محمد علم الدين عن قصة الطفلة الليبية شهد (9 سنوات) التي أصيبت بنوع من التخلف الذهني بسبب المشاهد العنيفة التي تعرضت لها. فقد وجدت أم شهد أن لدى ابنتها شغفاً كبيراً بالتصوير الفوتوغرافي وأهدتها كاميرا رقمية. فراحت شهد تصور المحيطين بها ومدرستها، ومع الوقت تطور منظورها للفوتوغرافيا وبدأت تشارك في معارض. وهناك فيلم «تذكارات من الثورة» للمخرج المصري أنس جعفر الذي يصور في شكل بانورامي ميدان التحرير وباعة الأعلام والقمصان القطنية التي تحمل صور الثورة ورموزها. وهناك ما يلفت العين المراقبة للمشهد المصري في فيلم جوناثان رشاد عن مجزرة بورسعيد التي وقعت أثناء مباراة كرة القدم بين فريقَي الأهلي والمصري وراح ضحيتها حوالى 70 مشجعاً أهلاوياً. أما الأفلام الأربعة التي يسلط عليها المعرض الضوء، فأولها «الرؤية من دون مصر» لأحمد هيمن من مصر، ويحكي قصة كفيفتين تمكنتا من اختراق بعض الحواجز. وتقول هبة في الفيلم: «ليس لدي ذاكرة بصرية، لذلك لا يهمني هذا الأمر. نحن نشعر ونلمس بأيدينا ونسمع بآذاننا ونشم بأنفينا. هذه الحواس الثلاث أكثر حدة عندنا مما هي عند معظم الناس. يجب علينا أن نقبل أننا لا نستطيع الرؤية، وتستمر الحياة». الفيلم الثاني هو للمصري محمد علم الدين بعنوان «فوبيا اللحية»، ويتناول تعرّض عدد من أصحاب اللحى للعنف بسبب الاعتقاد السائد بأنهم إسلاميون متطرفون. ويتطرق فيلم «حراس البهجة.. قصة المهرجانات» إلى موسيقى المهرجانات التي انتشرت في شكل مثير بعد «ثورة 25 يناير». ويتناول الفيلم هذه الظاهرة عبر قصة واحد من أبطالها هو «دي جي سادات» الذي كان من أوائل الذين عملوا على إنتاج هذه الموسيقى واستمر في تطويرها حتى شكلها الحالي. ويصور الفيلم حياة «سادات» في مدينة السلام العشوائية حيث يعيش وبدأ يرقص في الأفراح الشعبية جامعاً بين «البريك دانس» والرقص البلدي. وقد التقى زملاءه «دي جي» فيفتي، وفيجو، وعمر حاحا، وعملوا معاً على إعداد موسيقى المهرجانات، وكتب «دي جي سادات» النص للمجموعة وأصبح النجم المؤدي لها. ويعرض الفيلم أجواء حفلات المهرجانات بألوانها ورقصاتها وأجوائها الصاخبة. ومن ليبيا تقدم هند الأمين فيديو «كشافة للإنقاذ» الذي تدور قصته حول قائد كشافة يحاول إعادة شيء من النظام والحياة العادية في مكان ما لا يزال يعاني ويلات الحرب، بينما هناك أمور تأخذ أهميتها في هذه اللحظة من تاريخ ليبيا التي تأمل بأن ينهضها الجيل الجديد.