تفاعل الناس مع موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» يظهر كل صباح جديداً، بل أن تعليقات الإعجاب بحدّ ذاتها صارت مساحات واسعة للسلع والخدمات، إضافة إلى الأفكار والميول والتوجّهات. ويبدو أن من تضم صفحاتهم عدداً كبيراً من الأصدقاء والمجموعات، هم الأكثر تأهيلاً للانخراط في ترويج السلع والخدمات. ووفق أرقام «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» في القاهرة، بلغ عدد مستخدمي «فايسبوك» في مصر 16 مليوناً، ما يمثّل زيادة سنوية قدرها 33 في المئة تقريباً. ويلاحظ الجهاز أيضاً أن «فايسبوك» سجّل أعلى رقم في عدد قاصديه، بين مواقع الإنترنت، في مصر. بذا، تحتل مصر المرتبة ال17 عالميّاً في عدد مستخدمي «فايسبوك»، إضافة لكونها في المرتبة الأولى عربياً. وساعد الاستخدام الواسع لذلك الموقع في مصر، على جعله نافذة للكسب والرزق بالنسبة الى كثيرين، وبصورة مجّانيّة أحياناً. ويؤكّد بعض خبراء التسويق الإلكتروني أن «فايسبوك» يملك مزايا متعدّدة، بالمقارنة مع قنوات ترويجيّة اخرى. إذ يسهل اختيار العملاء وفق السن والجنس ومكان السكن أو العمل. ويقدّم أولئك الخبراء تصوّرات شتى عن طُرُق تنفيذ استراتيجيات ناجحة في التسويق. يبدأ الأمر بإنشاء صفحة للأعمال أو المنتجات، مع مراعاة اختيار اسم مناسب لها وإبراز طريقة الاتصال (رقم الخليوي، عنوان البريد الإلكتروني...) لتيسير التواصل مع الجمهور. ويجب وضع محتوى جيد وتفاعلي للتفاعل مع استفسارات الناس وإشباع فضولهم. ويفترض متابعة زوار تلك الصفحة، والرد بسرعة على أسئلتهم، وقياس النتائج، وتتبع التعليقات والردود وغيرها. في السياق عينه، من المستطاع تخصيص مساحة محدّدة للإعلان عن كل منتج أو خدمة، إضافة إلى إمكان الربط بين وقت نشر الإعلان وطريقته من جهة، والمقابل المادي عن النشر من الجهة الثانية. ويعطي «فايسبوك» إمكان انتقاء من يستهدفهم الإعلان. فإذا كان المنتج يتعلق بالنساء مثلاً، من الممكن اقتصار وصوله على الإناث وحدهن. وينطبق الوصف عينه على اختيار الفئة العمرية. وتملك إعلانات «فايسبوك» ميزة القدرة على التحكّم في تكلفة الحملة الإعلانيّة، إضافة إلى إمكان عمل دعاية مجانيّة من طريق نشرها على مجموعات في شبكة «فايسبوك»، وكذلك السعي للدخول في عملية تبادل الإعلانات بين الصفحات، وهي طريقة ناجحة ومجانيّة أيضاً. في ذلك السياق، ثمة انطباع بأن بعضاً من شباب مصر استفاد من معرفته المتواضعة بالتسويق الإلكتروني المحترف عبر «فايسبوك»، فجعل منه أداة للتسويق، خصوصاً للمشاريع الصغيرة. ومن النماذج على ذلك أن بعض الشابات عمد إلى الترويج لمصنوعات يدوية، خصوصاً الإكسسوارات. ومثلاً، استثمرت شيماء، وهي خريجة من كلية التجارة بجامعة القاهرة، هوايتها في صنع إكسسوارات من الخرز وحجارة الزينة واللؤلؤ الاصطناعي، وسوّقت منتجاتها بين زميلاتها وجاراتها. وسرعان ما تنبّهت إلى أنها تستطيع عرض صور لمشغولاتها على صفحتها في موقع «فايسبوك». وإذا بها تتلقى طلبات كثيرة من الجمهور الإلكتروني. ولقيت حرفتها رواجاً جيّداً، بل درَّت علبها دخلاً أرضاها بدرجة كبيرة. في المقابل، لاحظت شيماء أن تصميماتها المبتكرة باتت أيضاً عرضة للسرقة، ربما من قِبَل رواد صفحتها على «فايسبوك». وبعد فترة من الانتشار، قرّرت أن تجعل عرض منتوجاتها عبر قسم البريد الخاص في صفحتها الشبكيّة، وكذلك الحال بالنسبة للطلبات. بمنهج لا يختلف كثيراً في بساطته، استطاع رامي الذي يعمل في مجال السمسرة العقارية أن يستغل «فايسبوك» كقناة إعلانيّة. واستفاد من كرة الثلج التفاعلية التي تنشأ من التفاعلات المتنوّعة على ذلك الموقع. واستعان بأحد أصدقائه المتخصّصين في الدعاية الإلكترونيّة، كي يساعده في إنشاء صفحة متخصّصة بنشاطه المتنامي. وأكّد رامي أن «فايسبوك» وسيلة فعّالة في وصول الإعلان إلى جمهور واسع. من الخطوبة إلى...الافتراضي في سياق مشابِه، أوضح الشاب الجامعي إيهاب أنه ساعد خطيبته التي تعمل مديرة في دار حضانة، في التسويق الإلكتروني عبر «فايسبوك». وأوضح إيهاب أن خطيبته بذلت جهوداً كبيرة في تطوير دور الحضانة لجهة إعداد المكان وتصميمه بطريقة تناسب الأطفال، إضافة إلى تدريب المشرفات على برامج متخصّصة برياض الأطفال. وعمد إيهاب إلى نشر أخبار تلك الجهود في التطوير عبر صور حيّة وضعها على صفحته الشخصيّة في «فايسبوك». وأضاف: «تلقيت نقرات إعجاب كثيرة، إضافة إلى أسئلة عن إعمار قبول الأطفال والأسعار والمواعيد وغيرها. واهتممت بالإجابة عن الأسئلة كلها. وبسرعة، ارتفعت وتيرة التفاعل الالكتروني ما شجّعني على إضافة موضوعات عن أسس التربية وتنشئة الأطفال وإجابات لاختصاصيّن عن أسئلة الآباء والأمهات. وأدت تلك الخطوات البسيطة إلى زيادة إقبال الناس على الدور التي أعلنت عنها، بل أصبح لدي قائمة انتظار». * كاتبة مصرية