واشنطن – «نشرة واشنطن» – يرى مسؤولون في الإدارة الأميركية أن تحديث البنية التحتية للنقل والمواصلات في البلاد «لا يجعل السفر وشحن البضائع أسهل وأكثر أمناً وحسب، بل يحفز الاقتصاد ويحركه أيضاً». ويتفق محللون كثر مع هذا الرأي، إذ اعتبر كبير الاقتصاديين في موقع «موديز إيكونومي دوت كوم» الاقتصادي مارك زاندي، أن «للإنفاق على البنية الأساسية مردوداً مرتفعاً، وهو مجدٍ وجدير بأن تستثمر فيه الحكومات». ورأى «أن جزءاً كبيراً من البنية التحتية الأميركية عتيق وخطر وبعضها آيل إلى التداعي». يُذكر أن قانون حفز الاقتصاد الذي وضعته الإدارة الأميركية قيد التطبيق هذه السنة، رصد مبلغ 135 بليون دولار كمخصصات حكومية لمشاريع البنية التحتية. وأعلن زاندي أن «كل دولار يُنفق على البنية الأساسية يضيف بين دولار واحد و50 سنتاً ودولار و75 سنتاً إلى الناتج المحلي الإجمالي بعد سنة». وأكد أن «مشاريع الإنشاء توجد فرص عمل، ويعيد العاملون في هذه المشاريع إنفاق مداخيلهم في الاقتصاد الشامل. كما تتدفق الأموال إلى مورّدي المواد والمعدّات الذين يوفّرون بدورهم فرص عمل إضافية». وكشفت دراسة أعدّها الأستاذ في جامعة جورج ميسون، ستيفن فولر، «أن كل بليون دولار يُنفق في الإنشاءات غير السكنية يؤمّن 28500 فرصة عمل ثلثها في أعمال البناء مباشرة، وسدسها في مجال الإمداد، ويؤمّن النسبة المتبقية من فرص العمل أصحاب الأعمال التجارية والذين يشغلون هذه الوظائف والأعمال». وستُصرف الحصة الكبرى من مخصصات الحوافز للبنية التحتية لهذه السنة، في مشاريع النقل. وأوضح كبير الاقتصاديين في الجمعية العامة للمقاولين الأميركيين كِن سايمون، أن المبلغ المتبقي «يُنفق بتناقص تدريجي في المبالغ المخصصة لمشاريع البناء والطاقة والتكنولوجيا والمياه وغيرها من مشاريع البيئة». واعتبر أن «الوقت مؤاتٍ جداً لأعمال الإنشاء، لأن تكلفة المواد متدنية في شكل ملحوظ مقارنة بمستوياتها قبل عام، كما أن المقاولين متوافرون». ورأى أن «أهم سبب لإنفاق الأموال المخصصة للحوافز في البنية التحتية بدلاً من الاستخدامات الأخرى يتمثل في فوائد المدى الطويل التي تعود منها على الاقتصاد». وأشار إلى فوائد أخرى يتمثل بعضها في «تخفيف التلوث وتحسين الإنتاجية ونوعية الحياة والسلامة». وفي مقابل هذه الآراء، نبّه اقتصاديون آخرون إلى أن الإنفاق المفرط في البنية التحتية «لم يخرج اليابان من الركود الاقتصادي في ثمانينات القرن الماضي». لكن زاندي أوضح أن اليابانيين «كانوا أنفقوا بإسراف في بنيتهم التحتية، ما جعل مردودهم يتناقص»، في حين أن الولاياتالمتحدة «تحتاج بإلحاح إلى مزيد من الاستثمار». وأوردت لجنة تمويل البنية التحتية للنقل البرّي (مشكّلة من الحزبين في الكونغرس)، في تقرير أن «نظام النقل البري تداعى إلى حد يهدد سلامتنا وتنافسية اقتصادنا ونوعية حياتنا». ولفت إلى أن حركة السير «تضاعفت بين عامي 1988 و2006، فيما نما عدد أميال الطرق السريعة بنسبة تقل عن 5 في المئة. كما انخفض الإنفاق الحقيقي بالنسبة إلى معدل الأميال التي قطعتها حركة السير منذ نهاية ستينات القرن الماضي بنحو 50 في المئة». وشددت اللجنة في تقريرها، على أن الحاجات «ملحّة»، وقدّرت أن «تبلغ الفجوة بين ما هو متوافر وما هو لازم للإنفاق في البنية التحتية بنحو 400 بليون دولار بين عامي 2010 و 2015، وإلى 2.3 ترليون دولار حتى سنة 2035». واعتبر أن «تأمين مثل هذا المبلغ الضخم ورصده يشكلان تحدياً كبيراً، في وقت تعاني الحكومة عجزاً كبيراً في الموازنة بينما تزداد تكلفة فوائد الضمان الاجتماعي تدريجاً». يُشار إلى أن البلاد تعتمد عادة على الضرائب الموضوعة على الوقود لتمويل صيانة الطرق وإصلاحها، لكن لم تطرأ زيادة على هذه الضرائب منذ 1993. لذا تشمل الخيارات المطروحة للتمويل إنشاء مصرف وطني للبنية التحتية، واعتماداً أكبر على استخدام سندات المال والشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، وإضافة الطرق الخاضعة لرسوم مرور.