يعتبر مجيد كاظمي من العلماء العرب الاوائل الذين دفعتهم طموحاتهم العلمية للتوجه إلى أميركا بعدما استحال تحقيقها في الوطن العربي. وقُدّرَ للعديد من هؤلاء العلماء أن يتفوقوا ويتبوأوا مناصب أكاديمية متميزة في مختبرات الولاياتالمتحدة ومؤسساتها العلمية والتكنولوجية المتقدمة. وقد خلفوا بحوثاً وانجازات مسجلة في دوائر التفوّق والابداع. ولد كاظمي في القدس عام 1947. وأكمل دراسته الثانوية في مدارس الضفة الغربية ثم درس في كلية الاسكندرية للهندسة. وفي عام 1964 سافر إلى بوسطن، فكان أول طالب عربي يسجّل في قسم الهندسة النووية في جامعتها. وهناك، حصل على درجة الماجستير (1971). وفي عام 1973، نال الدكتوراه في العلم عينه من «معهد ماساشوستس للتقنية» (أم آي تي). وبعدها راودته فكرة العودة إلى البلاد العربية للعمل فيها. وفي لقائه مع «الحياة»، قال: «افتقرت هذه الدول حينذاك إلى وجود تكنولوجيا ومختبرات ومنشآت نووية يمكن استخدامها لأغراض التنمية علمياً واقتصادياً». خيال الذرّة المنشطرة في عام 1976، عُيّن كاظمي أستاذاً للهندسة النووية في معهد «أم آي تي». ووصف هذه الهندسة قائلاً: «كانت آنذاك مادة أقرب إلى الخيال لا سيما ما يتعلق بانشطار الذرّة المُفردة إلى ذرات صغيرة جداً يجري التحكم في تفاعلاتها من أجل توليد طاقة كهربائية، ولإستخدامها في أغراض مدنية سلمية متنوعة». منذ 1989، تولى كاظمي عدداً من المناصب العلمية، منها تعيينه في «أم آي تي» رئيساً لقسم الهندسة النووية، ورئيساً للجنة سلامة البحوث الذرية، ثم كان أول مدير ل «مركز النُظُم المتقدمة في الطاقة النووية»Center for Advanced Nuclear Energy Systems، واختصاراً «كاينز» CANES. وسُمّي رئيساً رفيع المستوى في «مختبر إيداهو للمواد»Idaho Material Laboratory. وعيّن عضواً في «أكاديمية العلوم الهندسية» التي تُعنى بالطاقة النووية ونفاياتها. وعُيّن عضواً في لجنة الاشراف على إنتاج الهيدروجين واستخدامه، وعضواً في معهد «شيرر» السويسري للعلوم الحرارية والهيدروليكية. ونال عضوية الشرف في لجنة منح الجوائز في «الجمعية النووية الأميركية» American Nuclear Society، إضافة إلى نيله لقب الزمالة في الجمعية، ولقباً مماثلاً في «الرابطة الأميركية لتقدم العلوم» Association for the Advancement of Science. ونال ألقاباً علمية منها «جامعي متميّز في الهندسة النووية» (سنة 2000)، و «أستاذ الطاقة النظيفة»Professor of Clear Engineering ( 2006). وحصل على مكافأة عن أفضل ورقة علمية للمواطنين الجدّد في «المعهد الدولي في بوسطن» (2001). وراكَم كاظمي خبرات في مجالات الطاقة وتصميم المفاعلات النووية وتحليل دورات الوقود النووي ومراحل الانشطار الذري، إضافة إلى نُظُم انتاج الهيدروجين. وشكّلت هذه المسائل جميعها محوراً للمشاريع التي أنجزها خلال مسيرته العلمية. وحاول كاظمي ان يبسط مضامين هذه العناوين العلمية المعقدة، فقال: «ترمي الطاقة النووية المتقدمة إلى انتاج الكهرباء التي تحتاجها المجتمعات يومياً، من خلال مفاعلات أقل كلفة وأكثر أمناً من المفاعلات المستخدمة راهناً». وتابع: «إذا غيرنا تصميم الوقود النووي مثلاً، بحيث تكون هناك قدرة على زيادة الطاقة المنتجة من غير زيادة حجم المفاعل، تقل كلفة تلك الطاقة. وكي نتمكن من تحقيق ذلك لا بد من اعادة تصميم دورات الوقود النووي، وزيادة قدرة السائل المبرد على استيعاب الطاقة المُضافة». وتحدث عن آليات انشطار اليورانيوم داخل الوقود النووي، قائلاً: «يؤدي الإنشطار إلى تحويل قسم صغير من المادة إلى طاقة حرارية داخل المُفاعل. ويتضمن تصميم المفاعلات تمرير سائل تحت ضغط مرتفع حول الوقود لتبريده». وأضاف: «إذا أمكن ايجاد مساحة أكبر لاستخراج الحرارة من الوقود، تنخفض درجة الحرارة اللازمة لاستخراج هذه الطاقة من خلال الاسطح التي تحتوي على الوقود النووي... فكلما انخفضت درجة حرارة الوقود استطاع هذا الوقود الحفاظ على تكوينه الميكانيكي، على رغم التفاعلات النووية التي تجري في دواخله». التواصل مع المؤسسات العربية وتحدّث كاظمي عن طاقة الهيدروجين الذي هو أحد العنصرين المكوّنين للماء. ويستخرج منها بإمرار تيار كهربائي، يفصله عن الأوكسجين. وأشار إلى ان الهيدروجين عنصر مهم في عملية تكرير البترول التي تؤدي للحصول على محروقات كالبنزين الذي ينجم من طريق حرق الغاز الطبيعي. وأشار الى أن استخدام الهيدروجين مصدراً للطاقة يؤدي إلى تخفيض إنبعاث ثاني أوكسيد الكربون الناجم من حرق الوقود الإحفوري، وكذلك للمحفاظ على الغاز الطبيعي الذي يستعمل في وجوه كثيرة من الصناعة. ويتميّز رصيد كاظمي علمياً بالغزارة. إذ نشر قرابة 190 بحثاً في الصحف والمجلات الأميركية والعالمية المتخصّصة، تتعلق بجوانب من الهندسة النووية. ومن عناوين تلك البحوث: «المفاعلات النووية للعلوم والهندسة»، و «تبريد مفاعلات المياه»، و «تشغيل التكنولوجيا النووية»، و «تأثير المياه والتدفئة في التكنولوجيا النووية»، و «الآثار المترتبة على استراتيجيات بديلة للانتقال إلى دورات مستدامة للوقود النووي»، و «كفاءة نظم انتاج الهيدروجين باستخدام تكنولوجيا الطاقة النووية»، و «تاثير الاحتراق على خصائص التصرّف في الوقود» ، و «تهدئة المخاوف من استخدام القنبلة الذرية وصنعها». وقدّم أكثر من مائتي ورقة علمية مسجلة في دوائر البحوث. وشارك في مؤتمر عالمي حول التقدّم في محطات الطاقة النووية (بنسلفانيا 2004) ومؤتمر دولي عن وسائل تصنيع الهيدروجين باستخدام الطاقة النووية» (2009) في سيول (كوريا الجنوبية)، ومؤتمر أميركي حول الحرارة المائية وتبريد المفاعلات النووية (2006) ومؤتمر ل «وكالة الطاقة النووية» حول الاستراتيجيات البديلة للوقود (فرنسا 2006) ومؤتمر ل «منظمة التعاون في الاقتصاد والتنمية» حول وقود المفاعلات والماء الخفيف (سان فرانسيسكو 2007).