طلب الرئيس اللبناني ميشال سليمان من القيادة الإيرانية والرئيس محمود أحمدي نجاد أن يمارسا نفوذهما مع «حزب الله» كي ينسحب من القتال في سورية، معتبراً أن ما يقوم به الحزب من تدخل في المعارك في سورية «غير مقبول بكل المفاهيم والأعراف». وعلمت «الحياة» من مصادر رسمية أن الرئيس سليمان طلب من السفير الإيراني في بيروت غضنفر ركن أبادي إبلاغ موقف لبنان هذا الى الرئيس نجاد طالما أن الحزب يؤمن بولاية الفقيه وبالمرجعية في طهران، قائلاً له: «مثلما كنا ضد أي تدخل لبناني في الأزمة السورية من أي طرف فإن الاشتراك العلني لحزب الله في القتال في سورية غير مبرر على الإطلاق ونحن لا نوافق عليه كدولة لبنانية». وأوضحت المصادر الرسمية ل «الحياة» أن الرئيس اللبناني أبلغ السفير أبادي أن خطوة «حزب الله» بالقتال في سورية «تجاوز يرتب مخاطر على لبنان وانقلاب على كل المفاهيم التي يقوم عليها لبنان وعلى إعلان بعبدا بالحياد في الصراعات الإقليمية». كما طلب سليمان توضيحات من السفير الإيراني في ظل تقارير أمنية عن مصادر إطلاق النار الذي حصل على المتظاهرين أمام السفارة ومن مكان قريب منها. وأثار معه أيضاً حادثة مقتل الشاب هشام السلمان (من «تيار الانتماء اللبناني») أثناء محاولته مع شبان التجمع أمام السفارة. واعتبرت المصادر أنه «لم يكن أمام الرئيس سليمان إلا القيام بهذه الخطوة لأن ما يحصل أطاح أعرافاً لبنانية وإن لم تطبق فالانحياز اللبناني الى أحد المحاور في المنطقة تسبب له على الدوام بالمشاكل والحروب وهذا كان يحصل في القرن الماضي جراء تدخل الدول على أرضه أو في شؤونه. أما اليوم فإن ما يحصل هو أن فريقاً لبنانياً يجتاز الحدود من أجل التدخل بأوضاع دولة أخرى، وبالوسائل العسكرية وليس فقط بالوسائل السياسية، وهذا أمر يشكل سابقة خطيرة لم يحصل مثلها في التاريخ اللبناني». وكشفت المصادر أن سليمان الذي واصل لقاءاته مع السفراء الأجانب، «يعتبر أنه لا بد من اتخاذ هذا الموقف لمواجهة الموقف العربي الغاضب من تدخل الحزب في سورية والذي أخذ ينعكس سلباً على لبنان». وهو ابلغ سفراء الاتحاد الأوروبي الذين التقاهم أمس أن تدخل «حزب الله» في سورية «ليس موقف الدولة اللبنانية على الإطلاق، والتي تقوم سياستها على الحياد والنأي بالنفس عن الأزمة السورية». وينتظر أن يلتقي سليمان خلال الساعات المقبلة رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية (حزب الله) النائب محمد رعد ليحمله رسالة الى الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله يطلب فيها انسحاب الحزب من سورية. وأكدت المصادر أن سليمان يقوم بما عليه كرئيس للدولة «فإذا استجاب الجانب الإيراني و حزب الله لموقفه يكون ذلك جيداً، وإلا يكون قام بواجبه وفق صلاحياته وموقعه كمسؤول أول عن سلامة لبنان وسلمه الأهلي». وأشارت المصادر الى أن السفير أبادي استمع الى ما طلبه الرئيس سليمان ووعد بنقله الى القيادة الإيرانية. وتفاعلت في بيروت أمس قضية مقتل الشاب هاشم السلمان من»تيار الانتماء اللبناني» المناهض ل «حزب الله» بإطلاق النار عليه أثناء محاولة شبان من التيار الاحتجاج على قتال الحزب في سورية، وضربهم بالعصي ما أوقع 10 جرحى منهم، أول من أمس، فدعا سليمان في موقف لافت «السفارة الإيرانية والمواطنين وأحزاب المنطقة ، خصوصاً حزب الله الى التعاون لتسهيل مهمة الأجهزة المختصة لتبيان حقيقة ما حصل منعاً لتكرار حوادث مماثلة». وجاء موقف سليمان في نبأ وزعه مكتبه الإعلامي عن اتصالات أجراها مع الأجهزة القضائية والأمنية في هذا الصدد بعد أن كان استقبل السفير الإيراني أبادي. ولقي الحادث حملة استنكار من عدد من القادة السياسيين، أبرزهم زعيم «تيار المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي اتصل برئيس «تيار الانتماء» أحمد الأسعد مستنكراً الاعتداء واتهم جهات تابعة ل «حزب الله» بتنفيذه، مؤكداً أن اللبنانيين «لن يرتضوا أن تكون مناطق حزب الله محميات أمنية على الطريقة الإيرانية». واستنكر رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط مقتل السلمان «في محيط السفارة الإيرانية»، وطالب باستكمال التحقيقات في مقتل الشاب، مشيراً الى «تعرضه للضرب من عناصر مجهولة معلومة، فإما أن تكون من الحرس الثوري الإيراني أو ممن يدور في هذا الفلك ومعاقبة المرتكبين». وقال إن «الرأي العام اللبناني ينتظر معرفة الحقيقة كاملة في القريب العاجل». في موازاة ذلك، استمرت تداعيات المعارك في سورية على لبنان في إشغال المسؤولين اللبنانيين، لا سيما إزاء استمرار تدفق النازحين ونقل المزيد من الجرحى السوريين الى لبنان وأوضاع كثيرين منهم يرثى لها. وقد نقل أمس زهاء 35 جريحاً جديداً الى مستشفيات البقاع والشمال. وأثار سليمان مع سفراء الاتحاد الأوروبي مشكلة النازحين وحاجة لبنان الى المساعدة العاجلة في هذا الصدد. وأعلن وزير الصحة علي حسن خليل أن استيعاب الجرحى تجاوز طاقة الوزارة. وأبلغ خليل كلاً من سليمان ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري بهذا الواقع وبنقص عدد الأسرة القادرة على استقبال الجرحى. وأكد أن ما تقرر من مساعدات لم يصل الى الحكومة اللبنانية. أمنياً انفجرت عبوة ناسفة أمس على طريق بلدة تعنايل البقاعية باتجاه دمشق، أثناء مرور سيارة «فان» تضررت نتيجة الانفجار لكنها تابعت طريقها وعبر الحدود اللبنانية – السورية. وأصيبت سيارة أخرى. وتكتمت الجهات الأمنية حول ركاب الفان.