أ ف ب - يملك منتخب البرازيل أفضل سجل في تاريخ كرة القدم العالمية، بيد أن مستواه حالياً يثير تساؤلات عدة لدى وسائل الإعلام المحلية وجماهير السيليساو قبل أيام من استضافته لكأس القارات وقبل عام من تنظيمه للعرس العالمي مونديال 2014. لا حديث في الشارع البرازيلي سوى عن ما ينقص منتخب البلاد المتوج ب5 نجمات عالمية، لاستعادة بريقه وأمجاده الراسخة في أذهان العالم بأسره، وذلك من خلال انتقادات لاذعة تعتبر سلاحاً ذا حدين، كونها تشكل ضغطاً على اللاعبين، وتحفزهم في الوقت نفسه للسير على خطى النجوم السابقين. ودفع المدرب مانو مينيزيس ثمن الانتقادات اللاذعة والمستوى المتذبذب للمنتخب البرازيلي، خصوصاً بعد الخسارة أمام المكسيك (1-2) في المباراة النهائية لدورة الألعاب الأولمبية، وهو اللقب الوحيد الذي ينقص الخزائن البرازيلية، على رغم تناوب العديد من اللاعبين الموهوبين على المنتخبات التي شاركت في هذه الألعاب منذ أعوام. ووقع اختيار الاتحاد البرازيلي على مدربين، قادا المنتخب إلى اللقب العالمي، لويز فيليبي سكولاري الذي قاد السيليساو إلى اللقب الأخير في المونديال عام 2002 في كوريا الجنوبيةواليابان معاً، ومساعده كارلوس البرتو بيريرا الذي قاده إلى اللقب الرابع عام 1994 في الولاياتالمتحدة. وعلق مدافع برشلونة الإسباني داني الفيش على التعيين، قائلاً: «لقد عادوا إلى المدرب الذي قادنا إلى آخر لقب في المونديال، نتمنى أن ينجح في منحنا الاستقرار الذي غاب عنا في الآونة الأخيرة». ومن بين المشكلات الأساسية التي تواجه المنتخب البرازيلي تشكيلته الشابة، كون سكولاري سيعتمد في كأس القارات على لاعبين معدل أعمارهم 21 عاماً، على غرار مهاجم سانتوس نيمار المنتقل حديثاً إلى برشلونة، ولاعب وسط تشلسي الإنكليزي أوسكار، بينما لم يخض معظم اللاعبين أية مباراة في كأس العالم، كما أن المنتخب البرازيلي لم يخض أية مباراة رسمية منذ خروجه من الدور ربع النهائي لكأس أميركا الجنوبية«كوبا أميركا» عام 2011. وتدرك الكتيبة الشابة للبرازيل الرهان الذي ينتظرها في مسابقتين كبيرتين على أرضهم كأس القارات هذا الصيف وكأس العالم العام المقبل. وقال نيمار في هذا الصدد: «يجب أن نستفيد أقصى ما يمكن من كأس القارات، لبناء منتخب قوي بقيادة المدرب الجديد، ومن أجل مصلحة المنتخب، لا يتعين علينا التأخر في تحقيق ذلك». ويعول البرازيليون كثيراً على نجمهم الواعد نيمار لقيادة المنتخب إلى القمة في المسابقات القارية والعالمية، ولفت نيمار الأنظار في الأعوام الأخيرة بقيادته فريقه سانتوس إلى ألقاب عدة، أبرزها كأس ليبرتادوريس للمرة الأولى منذ نحو 50 عاماً. ولا تتوقف آمال البرازيليين على نيمار فحسب، بل تمتد إلى قطب الدفاع قائد باريس سان جيرمان الفرنسي ثياغو سيلفا الذي يعتبر صخرة أمان للسيليساو.، فبعد تجربة احترافية فاشلة في القارة العجوز مع بورتو ودينامو موسكو، شهدت على الخصوص إصابته بداء السل، ودخوله المستشفى لمدة أربعة أشهر، عاد سيلفا إلى البرازيل للدفاع عن ألوان فلومينينسي، قبل أن يخطفه ميلان الإيطالي، إذ فرض نفسه بفضل قوته وسلطته في الخطوط الدفاعية وصناعته للهجمات، ومن ثم انضم العام الماضي إلى فريق العاصمة الفرنسية، وتوج معه باللقب المحلي هذا الموسم. نجم واعد آخر، تعقد عليه البرازيلي آمالاً كبيرةً، هو لاعب وسط تشلسي أوسكار صاحب المهارات الفنية الرائعة والعين الثاقبة وقوته الشخصية التي جعلته عنصراً أساسياً في صفوف النادي اللندني وكذا السيليساو، على رغم صغر سنه وقلة خبرته. ويبدأ البرازيل حملة الدفاع عن لقبه (تُوج بطلاً للنسخة الأخيرة على حساب الولاياتالمتحدة في جنوب أفريقيا) في مواجهة اليابان في 15 الجاري، على أن تكون المباراة المرتقبة مع إيطاليا، وصيفة بطلة أوروبا في 22 منه. ويأمل المنتخب البرازيلي، الساعي إلى لقبه الرابع في البطولة بأن يقدم مستوى أفضل من ذلك الذي ظهر به في مباريات خاضها منذ عودة سكولاري، إذ خسر أمام إنكلترا (1-2)، وتعادل مع إيطاليا (2-2) وروسيا (1-1) وتشيلي (2-2) ثم مع إنكلترا بالنتيجة ذاتها، بمناسبة تدشين ملعب ماراكانا الشهير، ولم يحققوا سوى فوزين، والأول على بوليفيا (4-صفر) والثاني على فرنسا (3-صفر) أول من أمس (الأحد). لم يكن اختيار سكولاري مدرباً للمنتخب البرازيلي صدفةً، بل إن اختياره كان مستهدفاً، كون المدرب معتاد على الضغوط والمواعيد الكبرى، في الوقت الذي تخوف فيه العديد من المدربين من استلام المهمة، لقصر الفترة بين كأس القارات وكأس العالم. ويطلق على سكولاري لقب «سرغنتاو» أو الرقيب الأول، نظراً لصرامته وطبعه القاسي، ما اعتاد عليه اللاعبون والإعلاميون. إحدى عادات «فيليباو» (فيل الكبير) الغريبة تلقينه اللاعبين درساً في «الفنون الحربية» قبل المناسبات الكبيرة، وهي طريقة اتبعها مع منتخبي البرازيل والبرتغال، عندما قدم لهم كتاباً شهيراً في الاستراتيجية العسكرية من القرن السادس، هو «فن الحرب» للكاتب الصيني «سون تسو».