من السهل جداً نشر الادعاءات ورفع الشعارات، ومن السهل التلبس بالحق، أو لبس الحق بالباطل، لكن الاختبار الذي تجريه الحقيقة للحق هو الذي يكشف التكونات والتوجهات، وفي الحديث «فإن لكل حق حقيقة»، فللحقيقة طبيعتها ونتائجها، وللزيف فرقعاته وهرطقاته ونتائجه. القرآن الكريم يجلي لنا منهم حزب الله، فيقول ربنا (وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)، فالتوجه مع الله ورسوله والذين آمنوا هو التكون الصحيح لحزب الله، وحتى تتحقق الموالاة لله وللرسول وللذين آمنوا فلا بد من انتفاء أي وجود لغيرها كما قال الله تعالى (لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). أما حين تنحرف البوصلة عن الاتجاه الصحيح، ويكون التولي لغير الله ورسوله والذين آمنوا فإن الحزب يبقى ولكنه يصبح حزباً من نوع آخر! ولنقرأ في كتاب ربنا (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ)، وحين نرغب في معرفة كيف يتشكل هذا النوع من الأحزاب فلنقرأ قول الله تعالى قبلها بآيات (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)، ولنقرأ بعدها (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ* إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ* كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ). من هنا ومن وحي القرآن تتجلى الحقيقة وينكشف الزيف، لأن الحقيقة في كل شيء تغلب المظهر في كل شيء، حتى وإن توهم المفسدون الصلاح (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ* أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ) وليس كل غلبة ظهرة هي غلبة في الحقيقة وإلى الأبد، فربنا ذكر المغلوب ولم يذكر الغالب في حرب فارس والروم (غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ* فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ* بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)، هذا هو خطاب القرآن، وهذا هو كلام الله الخالق المدبر (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ). * عضو مجلس الشورى. [email protected] @alduhaim