نقرة واحدة على العنوان الإلكتروني التالي www.24.ae، تفتح لك خياراً واسعاً من الأخبار المصورة العربية والدولية، ففي زمن الطفرة الرقمية التي يشهدها العالم العربي اليوم، شقّت مغامرة إعلامية جديدة طريقها بسرعة، مراهنة على الاختلاف والتجديد في الشكل والمضمون. تحمل المغامرة، التي تنطلق من أبوظبي، اسم «24». وكما يوحي الاسم، فإن الموقع الإخباري يغطي الأحداث على مدار 24 ساعة، إماراتياً وعربياً ودولياً. «إنها مبادرة إعلامية حديثة ومتطورة نهض بها شباب إماراتيون وعرب طامحون إلى منبر إعلامي مختلف في عصر مختلف»، وفق تعبير رئيس تحرير موقع «24» الإخباري الدكتور علي بن تميم، أستاذ النقد الأدبي في جامعة الإمارات. لكن لماذا يخوض الأستاذ الجامعي غمار الإعلام؟ يجيب: «أصبحت الميديا اليوم تتحكم بحياة جميع الناس، على اختلاف فئاتهم وأهوائهم، وأينما كانوا، في المنزل والسيارة والعمل. تحاصرنا وسائل الإعلام المختلفة... بحيث أصبحت جزءاً من حياتنا وثقافتنا واهتماماتنا. ولأن هناك نقصاً شديداً في الإمارات على صعيد المواقع الإلكترونية الإخبارية الشاملة، حملنا على عاتقنا مهمة تأسيس موقع إخباري يعمل على سدّ ذلك النقص، ملبياً حاجة فئات واسعة من المهتمين بالإعلام الجديد، خصوصاً في صفوف الشباب». الشباب إذاً هم الفئة الأساس التي يتوجّه إليها موقع «24». لماذا؟ لأنهم يشكلون غالبية مستخدمي الإنترنت في الإمارات عموماً، وخصوصاً الفئة التي تتراوح أعمارها بين 15 و30 سنة. وبغية استقطاب هؤلاء، عمدت هيئة تحرير «24» إلى إدخال عناصر جاذبة على الموقع، مثل ابتكار شخصية كرتونية تعلق على الأحداث الساخنة في مقاربة تهكمية نقدية، وتغطية الأخبار التي تهم هذا الجيل. «نحاول أن نقدم مجموعة من المنتجات الإعلامية التي تتفاعل مع الشباب بلغة الشباب، وبالأدوات الحديثة التي يستخدمها هؤلاء في حياتهم اليومية»، كما يقول بن تميم، الذي برز اسمه في أوساط الشباب الإماراتي أخيراً من خلال مشاركته في لجنة تحكيم برنامج «أمير الشعراء» على شاشة «أبوظبي» الفضائية، وهو برنامج تلفزيوني أدبي (بدأ عرضه عام 2007) يأخذ شكل مسابقة في مجال الشعر العربي بأنواعه، تنظمه «هيئة أبوظبي للثقافة والتراث». مشروع إعلامي ... ضد «الظلاميين»؟ يضم فريق عمل موقع «24» الإخباري حوالى 40 شخصاً بين صحافي وتقني وإداري، ذوي تجارب مهنية سابقة في مجال الإعلام الإلكتروني، يعملون في مكاتب أنيقة داخل مبنى «تو فور فيفتي فور» التابع لهيئة المنطقة الإعلامية في أبو ظبي. ويقود هؤلاء جميعاً الصحافي والشاعر الفلسطيني سامر أبو هواش الذي يشغل منصب مدير التحرير للموقع. ولكن ما هو الهامش السياسي الذي يتحرّك ضمنه فريق الموقع؟ يجيب أبو هواش: «ليس لدينا أي توجيهات سياسية، ولا نعمل ضمن أجندة معينة، بل ضمن رؤية وخط سياسي يفهم جيداً أولويات دولة الإمارات». لكنه يستدرك: «نحن ضد «القوى الظلامية». ويلفت بن تميم في هذا السياق إلى أن موقع «24» منسجم مع التوجهات السياسية العامة لدولة الإمارات التي أعلنت صراحة أنها ضد «المشروع الإخواني» في المنطقة. يساهم في الموقع مجموعة من الكتاب والصحافيين العرب من مشارب سياسية مختلفة. يعمل هؤلاء مع هيئة التحرير، ضمن الخطوط العامة التي يرسمها بن تميم: «نحاول مقاربة الأخبار أو القضايا من منظور مختلف غير تقليدي. لكنه يؤسس لمفهوم الموضوعية الذاتية»، مؤكداً أن التأكد من صحة الخبر أو المعلومة هو الأساس الذي تستند إليه هيئة التحرير. ثم يشرح أن ثمة «تابوهات» مهنية تحكم عمل الموقع، وهي: الفضائح، والتشهير، وترويج الإشاعات. «ما يعنينا اليوم هو تأسيس التقاليد التي يمشي عليها الموقع في شكل واضح وصريح، بعيداً من الابتذال والإثارة». يُعد الموقع جزءاً من مجموعة مبادرات مهنية تعمل تحت مظلة شركة «24 الإعلامية» التي يترأسها بن تميم. المنافسة... والتمويل؟ يُبحر موقع «24» وسط محيط إلكتروني عربي يعجّ بالمواقع الإخبارية. فكيف سيسلك طريقه إلى الاستمرار والبقاء؟ يجيب بن تميم: «هدفنا التميز لإثبات الذات إماراتياً... قبل التوسّع عربياً». يرفع موقع «24» شعار «الخبر بين لحظة وضحاها»، وتضم ثنايا «صفحاته» الكثير من الأخبار والتقارير والتحقيقات والمقابلات، في السياسة والاقتصاد والاجتماع والرياضة والثقافة والفن والمنوعات. ويخرج بصيغة احترافية، شكلاً ومضموناً، ما يجعله منافساً قوياً لمواقع إخبارية عربية رسخت وجودها في الفضشاء الرقمي. ولعل أهم ما يتميزّ به موقع «24»، كونه أول موقع إلكتروني عربي يوظف الميديا الجديدة، وخصوصاً وسائل التواصل الاجتماعي وأفلام الفيديو الخاصة، بغية جذب أكبر عدد ممكن من الشباب الذين يبتعدون شيئاً فشيئاً عن وسائل الإعلام التقليدية. لكن مشروعاً إعلامياً بهذا الحجم يحتاج إلى موازنة ضخمة قبل أن يثبت وجوده في سوق إلكترونية إماراتية وعربية تزدحم بالمنافسين؟ يرفض بن تميم الكشف عن الرقم المالي المرصود للمشروع الإلكتروني. لكنه يلمّح إلى أنه «ضخم بما فيه الكفاية ليغطي تكاليف الصمود لثلاث سنوات قبل تحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال الموارد الطبيعية لأي وسيلة إعلامية، وهي الإعلانات والرعايات الإعلامية. لكن صنبور (حنفية) الإعلانات لا تُفتح إن لم يحقق الموقع أرقاماً كبيرة في الانتشار الذي يُترجم إلكترونياً في عدد الزيارات والتصفح. وعلى هذا الصعيد، يبدو بن تميم مطمئناً إلى مستقبل مشروعه الإعلامي، إذ يقول: «لم ينشأ المشروع عبثاً، بل جاء ليسدّ فراغاً نوعياً في بيئة إلكترونية تعجّ بكمّ كبير من المشاريع. وفي النهاية، فإن البقاء للنوع، لا للكم».