كانت المدن السعودية على موعد قبل بضعة أيام مع افتتاح مهرجانات الصيف، وبعضها الآخر سيكون على الموعد ذاته في الأيام المقبلة. المهرجانات تحتوي لكنها لا تقنع، والهدف العام يجب أن يذهب إلى مربع الإقناع والكيف، لا التلميع والكم. السياحة في الداخل كرة يتقاذفها مشجعو «الجدل والتفاؤل»، جدل على أنها تخطو خطوات بطيئة وقلقة بالمقارنة مع دول الجوار، والتفاؤل يقوده مستثمرو السياحة في البلد والجهات الداعمة لمشهد السياحة، وأنا أقف في المنتصف متفقاً مع جماهير الجدل ومع أولئك المتفائلين بخطاها وخطواتها الحالية والمستقبلية. ما يحول في رأيي دون حدوث عمل سياحي مبهج هو الثقافة المحلية تجاه السياحة من باب أول، ومن ثم التعامل الجاف مع السياحة باعتبارها مورداً اقتصادياً استنزافياً بحتاً لا دخلاً وطنياً متوازناً مع الواقع والإمكانات، وأخيراً إن دول الجوار تنافس بالفعل لا القول، وبما يمكن أن يتناوله مواطن سعودي من فئة متوسطي الدخل، ولي ولغيري أن يعرف لماذا تكون ليلة فندقية في جدة أعلى من مثيلتها في فنادق الدوحة ودبي والكويت! وألا يترك هذا المثال سائحاً داخلياً يتراجع عن تفاؤله ويعود ليقف في صف من يقذفون بكرة الجدل في وجه السياحة؟ السياحة الداخلية تقاتل وتحاول أن تكون كما تخطط وتجدول وتوزع الأنشطة والمهمات، لكن لغة الأرقام والحسابات هي الفاصل في مجمل الحركة والحراك النشيط، فحين يدفع أحدهم مبلغاً خرافياً لعشرة أيام في مدينة سعودية وهو يدفعه مع فوارق المتعة والصورة والأوكسجين ودرجة الحرارة المعتدلة والأسواق الحرة المغرية عبر وجهات خارجية متعددة ومتنوعة، فمن يلومه عن استبدال خط سير الداخل بخط سير خارجي؟ أظل داعماً ومشجعاً ومتحمساً للسياحة الداخلية ومؤمناً بأن هناك جهلاً كبيراً وضعفاً ثقافياً نعانيه حيال معرفة تفاصيل لامعة في الجغرافيا الوطنية، لم تتمكن مناهجنا الدراسية ولا منابرنا الإعلامية من عرضها بما يتركنا مندهشين ومجبرين على زيارتها وإضافتها إلى الرصيد المعرفي والثقافي وكذلك رصيد الذاكرة. مؤشر السياحة يرتفع في مدينة وينخفض في أخرى، وإن باغتتنا لغة الأرقام فإن لغة الأعين لا تكذب، وليس من سمع كمن رأى، ومتى ما استطاع مواطن ذو دخل معقول قضاء خمسة أيام في أبها أو جدة أو الرياض أو الطائف أو الباحة وغيرها من المدن من دون أن تهز موازنته أو تبعثر أوراقه المقبلة، فذاك النجاح المطمئن لا المشجع، ومتى ما كان المسؤولون يقضون إجازاتهم السنوية عبر مشروع السياحة الداخلية فهنا يكون النجاح الدائم لا الموقت. اعرفوا فقط لماذا يذهب المواطن السعودي إلى سياحة الخارج ولا يتفاعل مع سياحة الداخل واقذفوا بما لا يتلاءم معنا شرعاً وعقلاً، لكنكم ستجدون أن المال هو المتحكم في القرار أولاً وأخيراً. مصاريف الداخل ضعف مصاريف الخارج وهنا مربط الفرس لسياحتنا الداخلية، مع تقديري واحترامي لمهرجانات الصيف التي بدأت، وتلك التي تنتظر إطلاق شارة البدء. [email protected] alialqassmi@