بدأ المستثمرون الدوليون العودة إلى الأسهم المصرية، بعد ابتعادهم عنها فترة لالتقاط الأنفاس، إذ لاحظوا وجود مبالغة في الإقبال على بيعها، وسط تجدد المؤشرات إلى عدم الاستقرار السياسي والمخاوف في شأن العملة. وقفز مؤشر الأسهم المصرية المقومة بالدولار، على مؤشر «إم إس سي آي» بنسبة 4 في المئة الشهر الماضي، متجاوزاً أداء «إم إس سي آي» للأسواق الناشئة، الذي تراجع بنسبة 4 في المئة، وتُعتبر مصر مكوناً فيه إلى جانب الصين والبرازيل وروسيا والهند. وتراجعت المخاوف المتعلقة بالاضطرابات السياسية والاجتماعية ومساعي الحكومة التي يقودها إسلاميون، للحصول على قرض بقيمة 4.8 بليون دولار من صندوق النقد الدولي، والتي كانت تؤثر في السوق في وقت سابق هذه السنة. واستقر الجنيه المصري، وهو مصدر قلق آخر للمستثمرين في الفترة الأخيرة، عند مستويات منخفضة قياسية بعد تراجعه بحدة هذه السنة، ويبدو أنه يتفادى بالفعل خفضاً كبيراً في قيمته. وظلّت الاحتجاجات المناهضة للحكومة، التي تحولت أحياناً إلى العنف مستمرة، لكن بوتيرة أقل في الأشهر الماضية. ورجّح بول كلارك الذي يدير صندوقاً أفريقياً جديداً لحساب مؤسسة «أشبرتون»، أن يكون لمصر «وزن كبير في الصندوق». ولفت إلى أن «بعضهم يعتبرها خطرة، لكن تماشياً مع مستويات الخطر المرتفعة تراجعت الأسعار، ما يشكل فرصة لتحقيق قيمة». وقال «نتطلع إلى شركات لا تكون معرضة للأخطار السياسية المحلية، وربما تنتهي بنا الحال إلى تخصيص حصة 20 في المئة في محافظنا للأسهم المصرية». وارتفعت الأسهم المصرية منذ مطلع آذار (مارس) الماضي، لكن لا تزال منخفضة أكثر من اثنين في المئة هذه السنة، بعد ارتفاعها 51 في المئة العام الماضي، وأقل بنسبة 25 في المئة من مستوياتها في كانون الثاني (يناير) عام 2011 قبل الثورة. ولم يحدد كلارك أسهماً بالاسم، لكن عدداً من المستثمرين أوصى بشركات مثل «أوراسكوم للإنشاء والصناعة» و«أوراسكوم تيليكوم» التي ارتفع سهمها إلى أعلى مستوياته في أربع سنوات ونصف السنة، وسط حديث عن عرض شراء. في حين استقر أداء «أوراسكوم للإنشاء» منذ الانتفاضة التي أطاحت الرئيس حسني مبارك، وتسعى الشركة الأم المدرجة في هولندا إلى الاستحواذ عليها. وأشار المستثمرون إلى امتداد نشاطات الشركات المصرية إلى الخارج في مناطق، منها أفريقيا التي تسجل معدلات نمو سريعة، وإلى ثقافة الريادة في المشاريع وفرق الإدارة القوية. يذكر أن تقويم مؤشر مصر على «إم إس سي آي» منخفض عند مكرر أرباح سبع مرات، وفق بيانات «داتا ستريم»، مقارنة بمتوسط الأسواق الناشئة عند مكرر أرباح عشر مرات ما يجعل الأسهم المصرية أرخص للشراء. وخفّض المستثمرون في المتوسط تعرضهم لمصر العام الماضي، وفق بيانات «ليبر». ويظهر متوسط 621 سوقاً ناشئة أو صندوقاً إقليمياً، أعلنت تعرضها للأسهم المصرية هذه السنة، نسبة تخصيص 1.1 في المئة لمصر مقارنة ب1.6 في المئة قبل سنة. ولا تزال الأخطار بالنسبة إلى بعض المستثمرين تفوق الفرص. وأقبل المستثمرون على البيع هذا الأسبوع، قبيل احتجاجات مخطط لها في 30 الجاري، في ذكرى مرور سنة على تولي الرئيس محمد مرسي السلطة. ويشعر بعضهم بالقلق من أن تتحول التظاهرات إلى العنف. وأوضح مدير الصناديق في «جيه أو هامبرو كابيتال مانجمنت» جيمس سايم، أن لدى مصر «بعض الفرص المثيرة للاهتمام»، لكن لفت إلى «شكوك تحيط بكل من حال الاقتصاد الكلي والوضع السياسي التشريعي». واعتبر أن مصر «تشبه حالياً سوقاً ناشئة جديدة أكثر منها سوقاً ناشئة». ولم يستبعد أن «يكون لها مكان في حافظة استثمارات، لكنها أبعد كثيراً على صعيد مكافآت المخاطرة». لكن مصر التي يمثل المستثمرون الأجانب فيها أكثر من 40 في المئة من نشاط سوق الأسهم، استقطبت بعض الأسماء الكبيرة. وكان المستثمر المخضرم في الأسواق الناشئة مارك موبيوس من شركة «فرانكلين تمبلتون» أكد في تصريح إلى وكالة «رويترز»، تطلعه إلى «زيادة استثماراته في مصر». وارتفع ثقل مصر في صندوق «فرانكلين للشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، إلى 13 في المئة نهاية عام 2012 من ستة في المئة في نهاية آذار من العام ذاته. وتراجع الجنيه المصري أكثر من 11 في لمئة هذه السنة، مسجلاً انخفاضاً قياسياً أمام الدولار. لكن، لم يتحقق انهيار العملة الذي بدا وشيكاً نهاية العام الماضي، إذ تمكن البنك المركزي من تثبيت استقرار الجنيه بترشيد استخدام الدولار، كما ساعدت في ذلك، قروض تلقتها مصر من قطر وليبيا وتركيا. ورصد محللون من «كابيتال إيكونوميكس»، في مذكرة، «ضغوطاً تضخمية انحسرت بعض الشيء، وذلك يعكس جيداً استقرار الجنيه في الأسابيع الماضية». ولفتوا إلى أن «التوترات الاجتماعية هدأت في الأسابيع الماضية ولم تتجدد الاضطرابات المدنية على نطاق واسع».