عرّف القانون الدولي الإرهاب بأنه «جملة من الأفعال التي حرمتها القوانين الوطنية لمعظم الدول»، وهو ما التزمت به المملكة في دستورها وانتهجت في مكافحة هذه الآفة السبل الأمنية والفكرية والسياسية كافة، سواء على المستوى المحلي أم الإقليمي أم الدولي. ووقفت المملكة دولة وعلماء في وجه الغلو والتطرف وانحراف الفكر، وتمثل هذا الموقف في اتجاهين رئيسين، كما يشير الباحث الدكتور محمد عبدالغني، في بحث له بعنوان «دور المملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب دولة وعلماء»، الاتجاه الأول فكري وعلمي وإعلامي: «اجتمعت فيه كلمة المختصين والمعنيين من العلماء وطلبة العلم والمفكرين والإعلاميين السعوديين، في سعيهم إلى بيان الشبه التي يدعو إليها أصحاب وأتباع الفكر المنحرف، مبينين للناس عدم صحة تلك الدعاوى الباطلة وبطلان الشبه التي يدعون إليها، فبيّن العلماء أوضح بيان تحريم دماء الأبرياء وتحريم تدمير المنشآت، وصدرت العديد من الفتاوى والكتب والندوات والمحاضرات والخطب والمقالات التي انتشرت من خلال وسائل الإعلام حتى وصلت إلى بيت كل مسلم في أصقاع المعمورة، وجميعها تقول بصوت واضح إن الإسلام بريء من قتل الأبرياء، وكل من يحملون السلاح على المسلمين والمستأمنين لا يمثلون المسلمين إنما يمثلون أنفسهم فقط، وما أقدموا عليه انحراف فكري ابتلوا به ولا يوافقهم المسلمون عليه»، وهو الموقف السعودي ذاته الذي دعت إليه المملكة في المحافل الدولية كافة. الاتجاه الثاني - بحسب الدكتور عبدالغني- هو الاتجاه الأمني العملي، إذ سعت حكومة المملكة إلى حفظ الأمن وقدمت الكثير من الجهود، وتابع رجال الأمن كل الأنشطة المشبوهة التي تهدد أمن المجتمع، وتمكنوا من القضاء على الكثير من تلك الأنشطة التي تستهدف الأمن والاستقرار، فأفسدوا خطط من يقوم بتلك الأنشطة وتم القبض على بعضهم، وجعلت المكافآت الكبيرة لكل من يبلغ عن عمل أو شخص يخطط للقتل والدمار، وأعطى ولاة الأمر في المملكة فرصة ومهلة زمنية، داعين فيها أولئك إلى الرجوع إلى الحق والصواب وهي بادرة لم يُسبق إليها بل انفردت بها حكومة السعودية، فاندحرت تلك الفئة وتبين للجميع ضلال أصحابها وبعدهم عما دعا إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وجوب لزوم الجماعة وعدم محاربتها أو الخروج عليها إذ قال: «إن يد الله مع الجماعة»، فأمن الناس وتمكن المسلمون من أداء الواجبات الشرعية وأمنوا على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم. موقف المؤسسات الشرعية من الإرهاب وأكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في كلمة له: «إن المملكة إذ تدين الإرهاب أياً كان مصدره تدعو إلى إزالة أسبابه وتنقية البيئة التي ينشأ فيها ومعاقبة مرتكبيه وتتعاون مع المجتمع الدولي لاجتثاثه»، وهو ما أكده كل فقهاء الإسلام والتزمت به المؤسسات الشرعية والإدارات والأجهزة والمؤسسات التي تمثل المنظومة الشرعية السعودية، وتؤدي الوظائف والأعمال والمهمات المتعلقة بجانب الدين والشريعة في المملكة. وحين نتناول موقف هذه المؤسسات فإن ذلك يكتسب أهميته من كون المملكة دولة إسلامية شرعية جعلت من شريعة الإسلام منهجهاً في الحياة، ومؤسساتها الشرعية هي الواجهة الممثلة لسمتها الشرعية في شكل مباشر، ففي (المادة الأولى) من النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم أ 90 وتاريخ 27-8-1412ه، النص على أن المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة، دينها الإسلام ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام. والمؤسسات الشرعية في المملكة من إفتاء وقضاء وتعليم ودعوة وتوجيه وإعلام ونشر وبحوث ودراسات تعد واجهات حكومية ذات هيكلة إدارية تمثل السمة الشرعية للبلاد وتؤدي دورها الفاعل في بث الوعي الشرعي وأداء رسالة الإسلام، وتلك الأجهزة بمجموعها من وزارات وإدارات ومحاكم وهيئات تنضوي تحت مظلة المنهج العام للدولة القائم على الإسلام وشريعته ومبادئه، ونبذ العنف والسعي بالسبل كافة نحو بسط الأمن والاستقرار، ليس على مستوى المملكة فحسب، بل على مستوى المنطقة والعالم، وهو ما أكسب السياسة الدولية السعودية مكانة مميزة إقليمياً ودولياً، تكتسب بموجبه ثقة العالم في قدرتها على تحقيق استقرار المنطقة من دون مزايدات أو ادعاءات.