على أبواب فصل الصيف الذي يعوّل عليه كل اللبنانيين لإنقاذ قطاع السياحة الذي يساهم في جزء أساس من الاقتصاد الوطني، بدأت الأوضاع الأمنية المتردية والسياسية المتوترة، تشكل تهديداً جدياً للموسم السياحي، بعدما بات شبه مؤكد أن الخليجيين سيعزفون عن السفر إلى لبنان، خصوصاً بعد تحذير كل من الإمارات والكويت رعاياها من السفر إليه، بينما ينتظر المغتربون صورة أكثر وضوحاً عن الوضع الأمني. ولكن وزير السياحة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال فادي عبود أكد في حديث الى «الحياة»، أن «كل التحضيرات أنجزت لتأمين متطلبات موسم ناجح للسياح، خصوصاً العرب منهم والذين يشكلون ما بين 40 و50 في المئة من إجمالي عدد السياح كما يشكل انفاقهم نحو ثلثي الإجمالي». وأضاف: «أرغب بتوجيه رسالة إلى الأشقاء السعوديين مفادها أن لبنان بجهوزية كاملة لاستقبالهم، فأمنهم مسؤولية كل لبناني ونحن سنضمن سلامتهم، كما أن الأسعار تنافسية جداً مقارنة بالدول المجاورة، والبرامج متنوعة خصوصاً في ما يتعلق بالمهرجانات الدولية المميزة جداً هذه السنة، وكل الفنادق جاهزة وكذلك الخدمات الأخرى». وأعتبر عبود أن « تحذير بعض الدول الخليجية مواطنيها من السفر إلى لبنان، قد يكون له ابعاد سياسية، ونتمنى أن يتغير هذا الموقف»، مستغرباً التوقيت «وعدم تحذير هذه الدول مواطنيها من السفر إلى دول أخرى مثل نيجيريا أو افريقيا الجنوبية حيث الوضع الأمني أسوأ كثيراً من الوضع في لبنان». وقال: «من المستحيل أن يُقدم أي لبناني عاقل على تعريض أمن أي شخص خليجي للخطر»، مضيفاً أن «على رغم التراجع الكبير في عدد السياح الخليجيين، إلا أن عدداً لا بأس به موجود دائماً في لبنان، ولو كانت هناك نوايا سيئة تجاههم لكانت حصلت اعتداءات أو عمليات خطف». وشدد عبود على «أهمية الموقف السعودي الذي يعبر عن الموقف الخليجي الموحد والأبرز»، منوهاً ب «دور السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري الحريص جداً على السياحة في لبنان من خلال نقله الصورة الحقيقية للوضع». وعن سعيه إلى الترويج لموسم الصيف في لبنان، قال: «خلال زيارتي الأخيرة إلى الإمارات للمشاركة في سوق السفر العربي، طلبت موعداً لزيارة المملكة العربية السعودية من رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان الذي وافق مبدئياً، وأنا مستعد لزيارة أي دولة لما فيه مصلحة القطاع السياحي اللبناني». وعن موضوع المؤسسات السياحية وخشية أن يُفلس بعضها أوضح أن «المؤسسات السياحية تدفع دائماً فاتورة الأوضاع الأمنية غير المستقرة، ولكن يجب أن نتفاءل إذ أن التلميح إلى إفلاس بعض هذه المؤسسات يُفقد لبنان جاذبيته»، مؤكداً أن «الوضع ليس كارثياً كما يدعي بعضهم». ولفت إلى أن المهرجانات مميزة جداً هذه السنة والبرامج قد تكون الأفضل في تاريخ لبنان، وعلى رغم أنها مهرجانات عالمية ولكن اللون اللبناني يُضفي عليها نكهة خاصة. شاشة بورصة أما نقيب أصحاب الفنادق بيار أشقر فشبّه «الوضع السياحي اليوم بشاشة البورصة، فأي خبر إيجابي يوحي باستقرار سياسي وأمني، يعزز التوقعات بموسم جيد أو مقبول، وأي خبر عن توترات أمنية يؤدي مباشرة الى إلغاء الحجوزات»، مؤكداً أن «المعطيات المتوافرة حتى الآن تشير إلى أن الموسم سيكون عادياً وبطيئاً ولن يشبه عامي 2009 و2010، ولكن في الوقت ذاته لن يكون كارثياً». وأكد ل «الحياة» أن «تشكيل حكومة يؤدي الى تخفيف التشنج ويساهم في تعزيز الموسم، ونحن نعوّل على وحدة المكونات السياسية كما حصل خلال مرحلة تكليف الرئيس تمام سلام، ولكن الجو العام في البلد غير مريح ولذلك أعتقد أن حتى المغتربين اللبنانيين، الذي نعتبرهم داعماً أساس للمواسم السياحية، لن يأتوا». ولفت الى أن «نسبة الحجوزات في فنادق بيروت تبلغ نحو 50 في المئة، ولكن تكاد تكون معدومة خارج بيروت، وهي في الإجمال بطيئة جداً وتتأثر بالأخبار اليومية». ونفى أشقر أي أنباء عن إفلاس أو إغلاق أي فنادق، مؤكداً في الوقت ذاته أن «الفنادق تعمل على أساس الحجوزات، فالذي يملك مطعمين أو ثلاثة في فندقه يتجه إلى فتح مطعم واحد فقط، بينما قد يلجأ آخرون إلى تقليص عدد الموظفين أو إغلاق طوابق وفقاً للحجوزات». المطاعم وبدا نقيب أصحاب المطاعم بول العريس أكثر تشاؤماً معتبراً أن «موسم الصيف سيكون سيئاً جداً، خصوصاً أن المؤشرين الأبرز على نجاح الموسم، وهما الحجوزات في الفنادق ولدى شركات تأجير السيارات، سيئان، وبالطبع العرب لن يأتوا وكذلك الأوروبيون». وأكد أن «المطاعم لا تعتبر مؤشراً على حال الموسم لأنها تعيش كل يوم بيومه، ولكن وبالإجمال الوضع مقلق، ونلاحظ أن اللبنانيين المقيمين باتوا أقل اقبالاً على المطاعم، ويفضلون الاحتفاظ بأموالهم خشية من الأسوأ». وأوضح أن «الأزمة كبيرة وسيشعر بها أكثر أصحاب المطاعم خارج بيروت الذين يعتمدون أساساً على موسم الصيف»، مؤكداً أن «ما يزيد الأزمة هو تزامن شهر رمضان هذه السنة مع الشهر الأول من موسم الصيف». ورداً على سؤال حول ما إذا كان تشكيل الحكومة سيساهم في طمأنة السائحين قال: «في ظل غياب الاستقرار الأمني والسياسي لا ينفع تشكيل أي حكومة أو أي شيء آخر، فحتى في ظل الحكومة المستقيلة لم يتغير شيء وكان الوضع سيئاً». وشدد العريس على أن «لبنان يعوّل اليوم على الاغتراب اللبناني الذي يُعتبر الجندي المجهول، خصوصاً مع وجود نحو 1.5 مليون لبناني في الدول العربية». وأشار إلى «إفلاس بعض المطاعم، أبرزها في منطقة الزيتونة باي حيث أغلق نحو خمسة مطاعم»، عازياً ذلك جزئياً إلى «التخمة الموجودة، ولكن المطعم الذي يتمتع بسمعة جيدة وأسعاره مقبولة سيستمر». إلى ذلك أكد مصدر ل «الحياة»، فضّل عدم ذكر اسمه، أن «فئة من اللبنانيين في الخليج يفضلون عدم زيارة لبنان حالياً خوفاً من إشكالات تتعلق بتأشيرات العمل عند عودتهم»، مؤكداً أن «عدد هؤلاء كبير جداً ويشكل فرقاً ملحوظاً».