صادق مجلس صيانة الدستور في إيران، على ترشيح 8 أشخاص لخوض انتخابات الرئاسة المقررة في 14 حزيران (يونيو) المقبل، أبرزهم رئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف وسكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي، وعلي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الدولية لمرشد الجمهورية علي خامنئي، ورئيس مركز الدراسات التابع لمجلس تشخيص مصلحة النظام حسن روحاني. تبدأ «الحياة» نشر نبذات شخصية عن المرشحين الأربعة، أولها عن جليلي. يُعتبر جليلي من أكثر المرشحين ارتباطاً بخطاب الثورة وقيمها، إذ ما زال يتحدث عن المقاومة ومنازلة العدو، لتطبيق الشعارات التي نادت بها الثورة عام 1979. صادقٌ حين يتحدث عن طاعة المرشد، كما كان صادقاً وملتزماً بالمبادئ التي أرساها مؤسس الجمهورية الإمام الخميني. وُلِد جليلي عام 1965 في مدينة مشهد في محافظة خراسان شمال شرقي إيران، وكانت والدته ربة منزل ووالده مدرساً للغة الفرنسية. انتمى إلى ميليشيا «الباسيج» (متطوعي الحرس الثوري) منذ اندلاع الحرب مع العراق عام 1980، وكان لا يتجاوز 15 سنة. وفي كانون الأول (ديسمبر) 1986، شارك في العمليات العسكرية في مدينة كربلاء، ضمن «فرقة نصر» التابعة لمحافظة خراسان، وأُصيب بجرح في منطقة الشلمجة جنوبإيران، فبُتِرت ساقه اليمنى، لكنه تابع عمله في القسم الإداري للفرقة. هادئٌ لا يتكلم سوى حين يُطلب منه، متزمتٌ في معتقداته الدينية، تابع دراسته بعد انتهاء الحرب عام 1988، في جامعة الإمام الصادق في طهران ونال شهادة دكتوراه في العلوم السياسية، على أطروحة عنوانها «الفكر السياسي في القرآن الكريم»، بحث فيها السياسة الخارجية للرسول. دخل عام 1989 وزارة الخارجية الإيرانية، في منصب ملحق سياسي، وتدرج حتى بات عام 1997 مستشاراً ثالثاً في الوزارة، وعمل معاوناً في دائرة الولاياتالمتحدة، قبل نقله إلى مكتب المرشد عام 2001 حيث أدار العمل اليومي. بعد فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد في انتخابات الرئاسة عام 2005، كان مقرراً توليه وزارة الخارجية، لكنه تسلّم دائرة أميركا وأوروبا في الوزارة، مع متابعته تدريس مادة العلوم السياسية في الجامعة. يقول زملاء لجليلي إنه بسيط في حياته اليومية، يعمل بلا كلل أو تذمر، ويبقى في مكتبه حتى ساعة متأخرة ليلاً، كما حاز رضا المرشد حين عمل في مكتبه. في تشرين الأول (أكتوبر) 2007، اختاره نجاد ليكون سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي وقيادة المحادثات مع الدول الست المعنية بالملف النووي الإيراني. وترى دوائر «ثورية» أنه أدار المحادثات بذكاء وتمكّن، من دون أن يتنازل عن «قيمه الثورية الصادقة». لكن معارضين يحمّلونه مسؤولية فشل المفاوضات في الوصول إلى نتائج تخدم مصالح إيران وتنهي العقوبات المفروضة عليها. تشير أوساط إلى أن جليلي حضّ نجاد على توجيه رسائل إلى رؤساء دول غربية، بينها الولاياتالمتحدة وفرنسا وألمانيا، وفق قاعدة «أسلم تسلم» التي اتبعها المسلمون مع الروم والفرس والحبشة. لكن رؤساء تلك الدول لم يردوا على رسائل نجاد. طالبت أوساط متشددة في إيران، جليلي بخوض الانتخابات، إذ لم يرغب في ذلك وتأخر كثيراً في التوجّه إلى وزارة الداخلية لتسجيل ترشحه. لكنه رضخ لهذه الدعوات، من دون أن يعلن انتماءه إلى أي حزب أو تنظيم سياسي، مؤكداً ولاءه للمرشد والثورة. كثرٌ يصفون جليلي بأنه نجاد الثاني، بسبب بساطته والتزامه وجديته في العمل. وثمة اعتقاد بأن «الحرس الثوري»، أو أقله شريحة ضخمة في تلك القوات، ترغب في مساندة ترشيحه، استناداً إلى «ثوريته» وتعاطيه العقائدي مع الملفات.