مع انتهاء مهلة الترشح للانتخابات النيابية اللبنانية عند منتصف ليل غد الثلثاء تكون الأطراف الرئيسة في قوى 14 آذار والمعارضة انتهت من وضع اللمسات الأخيرة على لوائحها بأسماء المرشحين تمهيداً للإعلان عنها تباعاً في غضون أسبوع، بعدما أدت المشاورات في ما بينها الى الاتفاق على الإطار العام لخريطة المرشحين. وجاء هذا الاتفاق تحت عنوان الحفاظ على وحدة القوى وتماسكها الداخلي على حساب المرشحين المستقلين الذين هُمّش دورهم لمصلحة الحزبيين. (راجع ص 6 و7) وفي معلومات «الحياة» ان القيادات الرئيسة في قوى 14 آذار قطعت شوطاً كبيراً على طريق تذليل العقبات التي ما زالت تؤخر إعلان اللوائح بأسماء مرشحيها والتي لم يبق منها سوى القليل الذي يعود لرئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري حسمه في ضوء القرار الذي سيتخذه في الساعات المقبلة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في شأن ترشحه في صيدا، لما يترتب عليه من تحديد للمسار العام التفاوضي بين «المستقبل» و «الجماعة الإسلامية»، إذ انه يسهم في تسريع ولادة بعض اللوائح في دوائر عكار والبقاع الغربي والضنية - المنية إضافة الى صيدا وبيروت الثانية (الباشورة). وواكب تهميش المرشحين المسيحيين المستقلين على لوائح 14 آذار، الذي قوبل بعدم ارتياح عبّر عنه رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط، مشهد مماثل في المعارضة بسبب إصرار رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون على التقليل من دور المستقلين في الانتخابات. يضاف الى ذلك استبعاد المعارضة مجتمعة تبني مرشحين من الحزب الشيوعي اللبناني على لوائحها وإغفالها تمثيل مدن رئيسة كبعلبك وصور بمرشحين. لكن تسابق الأكثرية والمعارضة على تهميش دور المستقلين في الانتخابات التي تجري في 7 حزيران (يونيو) المقبل، لن يقف عائقاً امام انطلاق عملية إعلان اللوائح علماً ان النائب الحريري وبدرجة أقل حليفه جنبلاط، قدما تنازلات من حسابهما لمصلحة حليفيهما رئيسي حزبي الكتائب أمين الجميل و «القوات اللبنانية» سمير جعجع لتجنيب دخول المفاوضات في مراوحة مفتوحة من شأنها ان تضع الأكثرية امام صدقيتها حيال جمهورها الواسع الذي اخذ يتململ من التأخر في تسمية المرشحين. واللافت كان امس إعلان تيار «المستقبل» نفسه تنظيماً سياسياً وإذاعته وثيقته السياسية - الاقتصادية - الاجتماعية في احتفال حاشد اقيم في قاعة «بيال» وسط بيروت. وتصدت الوثيقة البرنامج الانتخابي الى تحديد رؤية التيار للبنان المستقبل والثوابت التي يرى وجوب الانطلاق منها لحماية سيادته واستقلاله والعيش المشترك وكان الرئيس الراحل رفيق الحريري اقتدى بها طوال فترة عمله السياسي، سواء أثناء توليه رئاسة الحكومة أم في الحقبة التي سبقت انخراطه في الحياة السياسية من باب رئاسة الحكومة. واعتبرت مصادر التيار ان الوثيقة التي أطلقها «المستقبل» الأولى من نوعها «إذ لم يسبق لقوى أخرى ان تقدمت بمشروع متكامل تحدد فيه رؤيتها للبنان المستقبل في ظل ما يتردد من حين لآخر عن وجود نية لدى بعض الأطراف في المعارضة لاستبدال اتفاق الطائف باتفاق بديل أو نقيض له لم تظهر معالمه حتى الساعة». وإذ ركزت الوثيقة السياسية المؤلفة في أكثر من 40 صفحة فولسكاب تناوب على قراءة موجزات عنها عدد من شابات وشبان «المستقبل»، على المعادلة التي حكمت مواقف الرئيس الحريري من قضية التحرير، والتي ارتكزت الى توجهين متلازمين، النهوض الاقتصادي كأساس لتوفير شروط الصمود والوحدة الوطنية لاحتضان المقاومة في وجه الاحتلال، إضافة الى رؤية «المستقبل» لبناء الدولة الحديثة وإعادة اعمار لبنان، شددت ايضاً على تجديد مفهومها للعروبة. وأوضحت المصادر ان مشروع «المستقبل» كما ورد في الوثيقة «خلاصة لأفكار الرئيس الحريري وتوجهاته في الحياة الوطنية اللبنانية باعتباره شكل ركناً أساسياً من أركان الحركة الاستقلالية التي انطلقت بعد استشهاده العام 2005 وترتكز الى مفاهيم الحرية والاعتدال والعيش المشترك». ولم يكن الموقف الذي أعلنه في ختام الحفل النائب الحريري إلا نسخة طبق الأصل عن كل ما ورد في الوثيقة، إذ شدد على أهمية الحوار الداخلي، سائلاً: «أيعقل في هذا الزمن ان ينقلب الخلاف السياسي الى خلاف طائفي؟». وأكد ان «المستقبل» لن يساوم ولن يقبل بغير لبنان العربي ولبنان العيش المشترك الذي أصبح الآن في صلب الدستور ليشكل رسالة قوية الى أي جهة تعتبر هذا البلد مسرحاً لتدخلها». ولفت الحريري الى ان «فهمنا لاتفاق الطائف قائم على الشراكة التامة وعلى المناصفة التامة من دون وصاية من الخارج»، وقال ان «التلاعب بالعيش المشترك وتعريضه لمخاطر العنف الأهلي هو تلاعب بميثاق الشرف الذي توصلنا إليه في اتفاق الطائف». وتوقف الحريري امام «مسلسل النزاعات الداخلية واللجوء إلى السلاح والاستقواء به»، وقال: «سنبقى على موقفنا بأن أي سلاح لبنانياً كان ام غير لبناني لا يجوز ان يعلو على سلاح الدولة ومؤسساتها الأمنية»، ورأى أن «على طاولة الحوار ان لا تتخلى عن دورها في تناول موضوع سلاح المقاومة بما يوفر مستلزمات الحماية الكاملة للسيادة الوطنية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ورد الاعتداءات». وأكد الحريري «اننا على ابواب انتخابات نيابية لا يجوز ان نخضع لترهيب السلاح من أي نوع كان، والسلطات المختصة مدعوة منذ الآن الى توفير مقومات النزاهة الكاملة لهذه الانتخابات، باعتبارها ستحدد مسار الدولة للمرحلة المقبلة وهي بالنسبة إلينا لتجديد الثقة بلبنان وإرساء قواعد ديموقراطية سليمة للمشاركة الوطنية، ووسائل إدارة الحكم لا تكون رهينة لأسباب التعطيل وإقفال المؤسسات». وأكد رفض توطين الفلسطينيين في لبنان، مشدداً على ألا يتحول حق عودتهم «سلعة للتفاوض». وشدد على ان «المستقبل» سيخوض الانتخابات «يداً بيد مع حلفائه وأولهم وليد جنبلاط»، وقال ان «أمامنا 9 أسابيع لإجراء الانتخابات والاقتراع وفاء لرفيق الحريري وشهداء ثورة الأرز ولانتخاب لبنان العيش المشترك ووحدة اللبنانيين، لبنان العدالة وفرص العمل للشباب والشابات». الى ذلك، دعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري لدى رعايته إطلاق مشاريع إنمائية في قضاء بنت جبيل بتمويل من «الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية»، «الذين يحاولون الإيحاء بوجود أزمة حكم بعد الانتخابات، الانتباه الى ان العبور الى الدولة لا يمكن أن يتم عبر تهميش الخصوم أو تهميش فئات وطنية». وأضاف بري: «العبور الى الدولة لا يمكن ان يتم بتخويف الرأي العام بالفوضى الاقتصادية وبتراجع الاستثمارات إذا ما فازت المعارضة، لأن تجربة الأكثرية بالعكس هي التي تحفز الناس لتربح المعارضة، أي انهم يحاولون القول انتبهوا انه اذا فازت المعارضة خربت البلد». ورأى بري ان ضرورة بناء الدولة «تستدعي الانتباه الى إدانة التجربة التي جعلت من الدولة هيئة عليا لإغاثة الموالين ومعاقبة الخصوم والتي جعلت من الدولة حامياً للاحتكارات ومروجاً للسوق السوداء في كل مكان، ونحن من جهتنا نمد يدنا إليكم وسنمدها أبداً ودائماً شرط المقاومة والتنمية».