قد تكون ركائز معدنية اكتشفت في فوهات في القمر، بقايا نيازك تحطمت فوق سطحه ومصدرها ليس باطن هذا الكوكب. وكان الاعتقاد السائد بين العلماء والخبراء أن النيازك والكويكبات تتبخر بالكامل عندما تصطدم بجرم فضائي مثل القمر، وتختفي مكوّناتها، لكن الأبحاث العلمية المنشورة في مجلة «نايتشر جيوساينس» البريطانية من شأنها أن تدفع العلماء إلى تغيير هذه الفكرة وإعادة النظر في فهم تركيبة القمر. فقد عثر على معدني أوليفين وسبينال، وهما نادران على الأرض، في فوهات عدة على القمر، من دون أن يجد العلماء أثراً لهما على السطح خارج هذه الفوهات. وخلص العلماء إلى القول إن هذين المعدنين مصدرهما الأجرام التي ارتطمت بقوة بسطح القمر، فتركت آثاراً من مكوناتها تحت سطحه. وهذان المعدنان هما من المكونات المعروفة للنيازك والكويكبات، وقد عثر عليهما في قلب فوهات كوبرنيكوس، وتيخو، وتيوفيلوس، التي يصل قطر الواحدة منها إلى مئات الكيلومترات. وقد صمم باحثون صينيون وأميركيون محاكاة إلكترونية لتشكل تلك الفوهات، ووفقاً لحساباتهم، فإن الجرم الذي يضرب القمر بسرعة تقل عن 12 كيلومتراً في الثانية لن يتبخر، ولكن سيتفتت ويتآكل شكله فقط. وبالتالي، فإن العثور على آثار لهذه الأجرام ومكوناتها المائية والمعدنية أمر ممكن. ويعتقد العلماء أن ربع الأجرام التي ترتطم بالقمر تكون ذات سرعة تقل عن 12 كيلومتراً في الثانية. وجاء في الدراسة: «توصلنا إلى أن الكثير من المعادن غير المألوفة والموجودة في فوهات القمر، قد يكون مصدرها خارج القمر». ووفق جاي ميلوش الباحث في جامعة بوردو إنديانا الأميركية وأحد الباحثين في هذه الدراسة، فإن هذه الفرضية التي توصل إليها مع زملائه من شأنها أن تحل اللغز الذي واجه العلماء، وهي أن حجم الفوهات على سطح القمر لا تشير إلى أنها نبشت الصخور من داخل القمر وأخرجتها إلى السطح. وقال إن العلماء ينبغي أن يكونوا حذرين، وألا يرتكزوا على تحليل المواد في فوهات القمر ليستخلصوا منها تركيبة باطنه، التي قد تكون مختلفة. غير أن الباحث إريك اسبوغ نشر تعليقاً منفصلاً في مجلة «نايتشر» اعتبر فيه أن فوهة كوبرنيكوس تشير إلى اصطدام جرى بسرعة كبيرة جداً، وهو افتراض يتناقض مع الفرضية التي يدافع عنها جاي ميلوش وفريقه. ويذهب اسبوغ أبعد من ذلك، ويتساءل: «لماذا لا تكون آثار سبينال على القمر مصدرها كوكب الأرض نفسه». فقبل بلايين السنين، كانت قوة اصطدامات الأجرام الفضائية بسطح الأرض قادرة على قذف الصخور بعيداً، وصولاً إلى القمر، بسرعة لا تتجاوز كيلومترين في الثانية، وهي سرعة تسمح بهبوط الصخور على سطح القمر سليمة كاملة.