فيما تعرض قطع من نيازك مكتشفة في سلطنة عُمان للبيع في أسواق أميركية وفرنسية، يجهل كثيرون من العُمانيين أهمية هذه السلع وقيمتها. وفي المقابل، يعرف صيادو النيازك قيمة هذه الحجارة التي تسقط من السماء وينظمون رحلات منتظمة إلى صحارى السلطنة وما يجاورها من الصحارى العربية، للبحث عن هذه الثروات النادرة. وتصل قيمة الغرام من قطع النيازك الى عشرات الدولارات، خصوصاً تلك الآتية من القمر والمريخ. وأشار أحد صائدي النيازك إلى خصوصية أسواقها التي تجمع مرّة في كل عام الباعة والمشترين وهواة جمع قطع النيازك. وفي الأسواق الدولية، ظهرت صور لنيازك من صحراء عُمان، بلغ ثمنها ملايين الدولارات. وتنتشر النيازك في الصحراء الممتدة بين المنطقة الوسطى ومحافظة ظفار في جنوب عُمان. وتشير آخر إحصائية إلى أن عدد العينات النيزكية التي عثر عليها في السلطنة حتى كانون الثاني (يناير) الماضي بلغ 2892 عينة تزن 8 آلاف كيلو غرام تقريباً، بعد أن كان عدد تلك العيّنات 1805 عيّنة في عام 2007. ويأتي صائدو النيازك إلى عُمان تحت واجهة أنهم سيّاح. ويدخلون من طريق بعض المنافذ البرية بسيارات مستأجرة، ما يصعّب ضبطهم من قِبل الجهات الأمنية. وفي المقابل، اشترطت الحكومة العمانية الحصول على تصريح من الوزارة لإخراج أي نوع من الصخور جواً، ما ساهم في الحدّ من تهريب النيازك. وتصنّف النيازك إلى ثلاث مجموعات رئيسة هي الصخرية والحديدية والخليط من النوعين السابقين. وتتفرع من هذه المجموعات أنواع أخرى. وتعتبر الصخرية الأكثر شيوعاً، إذ تُشكّل 94 في المئة من قطع النيازك، فيما تمثّل الحديدية 5 في المئة، والخليط 1 في المئة. ابحث عن سويسرا تتولى المديرية العامة للمعادن في وزارة التجارة والصناعة العُمانية تنفيذ مشروع للبحث عن النيازك. وتعاونت مع متحف التاريخ الطبيعي في سويسرا لدراسة نيازك السلطنة وتحديدها وتوثيقها وتصنيفها. وبدأ العمل في هذا المشروع عام 2002. وعمل الفريق المشترك على إجراء تحاليل كيماوية وفيزيائية لهذه النيازك، قبل إعادتها إلى السلطنة. ويضم مقر وزارة التجارة بعضاً منها، بينها نيزك عثر عليه في المنطقة الوسطى، تزن أكبر قطعة منه حوالى 100 كيلو غرام. وعندما جُمِعت قطعه التي كانت متبعثرة على مساحة 50 كيلومتراً، وصل وزنه الإجمالي إلى قرابة 500 كيلوغرام. وتعمل السلطنة على إنشاء مختبر للمعادن، للمساهمة في فحص النيازك وقِطعها. وسيحتفظ هذا المختبر ببعض النيازك، فيما يُعرض الآخر في «متحف التاريخ الطبيعي»، خصوصاً العيّنات الآتية من القمر والمريخ. وتحدث مسؤول عُماني عن نية الوزارة تعديل التشريعات المتصلة بالنيازك، مع تشديد الغرامات والعقوبات على مُهرّبيها. والمعروف أن قانون المعادن الصادر عام 2003 لا يحتوي فصلاً خاصاً بالنيازك. ومن وُجهة علمية، تُعرّف النيازك بأنها صخور ذات أصل سماوي مصدرها الرئيس حزام الكويكبات الذي يقع بين المريخ والمشتري. ويأتي بعض آخر من النيازك من المريخ وربما القمر. تسقط النيازك على الأرض عندما يتقاطع مدارها حول الشمس مع مدار الأرض. وحينه، تقترب من الأرض، فتقع تحت تأثير جاذبيتها. وتخترق النيازك الغلاف الغازي للأرض بسرعة تراوح بين 10 إلى 30 كيلومتراً في الثانية، ما يعرّضها للتآكل بسبب احتكاكها بالهواء. ويتلاشى بعضها كلياً قبل ارتطامه بسطح الأرض. وتراوح كتل النيازك التي تصل الى الأرض بين أقل من غرام إلى عشرات الأطنان! والمعروف أن نيزك «هوبا» Hoba في ناميبيا يزن قرابة 60 طناً. وتتسبب النيازك الثقيلة في إحداث حفر اصطدامية متفاوتة الأحجام إذا ارتطمت بسطح الأرض. وحاضراً، يعتقد معظم العلماء أن تدفق النيازك إلى الأرض ظل ثابتاً منذ 50 ألف سنة. ويقدر تدفق النيازك التي يزيد وزنها عن 10 غرامات بما يراوح بين 36 و116 نيزكاً لكل مليون كيلومتر مربع سنوياً، ما يعني سقوط ما يراوح بين 11 و36 نيزكاً على أرض السلطنة (309 آلاف كيلو متر مربع) سنوياً. وقبل عام 2000 لم يكن هناك سوى بضعة نيازك معروفة في عُمان. ثم كشفت مجلة «ميترولوجيكال بوليتن» The Meteoritical Bulletin الناطقة بلسان «جمعية النيازك» نبأ العثور على 39 نيزكاً في السلطنة. ثم ارتفع هذا العدد. وراهناً، تشكّل النيازك العُمانية 34 من النيازك المكتشفة عالمياً.