أخيراً فتح المرجع الشيعي علي السيستاني بابه أمام السياسيين العراقيين، بعد أكثر من أربع سنوات على مقاطعتهم. واستقبل أمس رئيس الحكومة حيدر العبادي، في مؤشر إلى دعم المرجعية حكومته. وجاء اللقاء قبيل انتقال العبادي إلى طهران، في مؤشر آخر، إلى أن العلاقات العراقية - الإيرانية، لن تكون في معزل عن النجف. (للمزيد). من جهة أخرى، قتل عشرات العراقيين أمس، في هجمات انتحارية طاولت بغداد وكربلاء المجاورة للنجف. وأعاد تنظيم «داعش» محاصرته جبل سنجار، حيث يلجأ الإيزيديون، وفتح جبهات كركوك وديالى. وقال العبادي، فور انتهاء اجتماعه النادر بالسيستاني، إن المرجع «بارك لنا تشكيل الحكومة واستكمالها، واتفق معنا في عدم حاجة العراق إلى قوات برية. ولن تكون قوات برية». ولفت إلى أن «العراق يسعى إلى الانفتاح على كل الدول، خصوصاً دول الجوار»، وأضاف إن «السيستاني أكد ضرورة الاهتمام بالمتطوعين والحشد الشعبي، والانفتاح على الآخرين، وعلى الوحدة بين مكونات الشعب العراقي»، مشيراً إلى انه «شدد على ضرورة ملاحقة المفسدين وتقديم الخدمات». وكان السيستاني امتنع عن استقبال المسؤولين العراقيين، منذ بدأ رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ولايته الثانية. وفشلت محاولات كثيرة، خلال الأعوام السابقة في ثنيه عن قراره، فيما كانت مرحلة الانتخابات مؤشراً إلى رفضه استمرار المسار الذي قاده المالكي، كما أن تنحي الأخير لم يكن ليتم لولا الضغوط التي مارسها المرجع نفسه، عبر وسائل مختلفة، لوضع خط أحمر على ولاية ثالثة للمالكي. ويقول مقربون من المرجعية إن لقاء السيستاني - العبادي جاء لتأكيد دعمه السياسة التي أقرتها الحكومة، خصوصاً في مجال الانفتاح على الأطراف السياسية والمكونات، وقيادة الحرب على «داعش». لكن المرجع لن يترك بابه مفتوحاً، خلال المرحلة المقبلة «لتجنب عودة ظاهرة تكالب السياسيين على مكتبه ومحاولة الحديث باسمه للحصول على مكاسب، أو بث إيحاءات غير صحيحة عن دعمه طرفاً على حساب الآخر». وتأتي زيارة العبادي للسيستاني قبيل توجهه في زيارة رسمية إلى إيران. وقال عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان صادق الركابي إنها «تأتي في إطار حشد الدعم الإقليمي للحرب على داعش». واكد ل»الحياة» أن «العراق لن يقصر تعاونه على التحالف الدولي، وإنما ينفتح على دول أخرى وإن كانت خارج التحالف كإيران والصين وروسيا»، وأشار إلى أن «استبعاد التحالف الدولي طهران لا يعني أن على العراق عدم التعاون معها في هذا المجال، فهو لا يريد أن يستغني عن أي جهد إقليمي أو دولي». ومعلوم أن العلاقة بين السيستاني وطهران توترت بسبب تمسك السلطات الإيرانية بدعم ولاية المالكي الثالثة. وقد جاء توقيت العبادي زيارته النجف، قبيل طهران، ليؤشر إلى أن العلاقات المستقبلية بين البلدين لن تتم في معزل عن دور ورأي المرجعية الشيعية. وقد جاءت تحركات العبادي، في يوم عراقي عصيب أمنياً، إذ ضربت كربلاء المجاورة للنجف أربع تفجيرات بسيارات مفخخة خلفت عشرات القتلى والجرحى، بالتزامن مع هجمات أخرى تعرضت لها مناطق وسط بغداد، كما أن الزيارة تزامنت مع هجوم عنيف شنه تنظيم «داعش» على محاور عدة في نينوى وكركوك وديالى، وحاصر جبل سنجار الذي استمر بعيداً عن سيطرته، فيما حاول اقتحام بلدة قرة تبة التركمانية قرب كركوك.