بدأت الأجواء السياسية في العراق تميل إلى التهدئة، فبادر الأكراد بالمصالحات وسحبوا قواتهم من محيط حقلين نفطيين في كركوك، وأعادوا الإشراف عليهما إلى الحكومة الإتحادية، فيما لمس وسطاء «تراجعاً في حدة رد فعل» رئيس الحكومة المنتهية ولايته نوري المالكي، بعدما قرر حزب «الدعوة» دعم رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي الذي سيلتقي المرجع الديني علي السيستاني قريباً، وهو أول لقاء للمرجع بمسؤول عراقي منذ عام 2011. (للمزيد). من جهة أخرى، تعهد الرئيس باراك أوباما أمس مواصلة الضربات الجوية التي أجبرت مسلحي «الدولة الإسلامية على فك الحصار عن النازحين» في جبل سنجار، وقال «سنواصل الغارات اذا ما هدد داعش الموظفين الاميركيين والمنشآت الاميركية في المنطقة بما في ذلك في مدينة اربيل عاصمة اقليم كردستان». ودعا العراقيين إلى الإتحاد لمواجهة «داعش». قال مصدر كردي ل»الحياة» إن حكومة إقليم كردستان، في بادرة حسن نية منها تجاه العبادي، أعادت إدارة حقلين في كركوك إلى وزارة النفط الإتحادية. وأكدت شركة «نفط الشمال» التابعة لوزارة النفط المركزية تسلمهما. وأوضح أن «الحراك السياسي الذي قاده التحالف الشيعي وأدى إلى تكليف العبادي تشكيل الحكومة دفع رئاسة الإقليم الى فتح صفحة جديدة مع بغداد». واكد مصدر في شركة «نفط الشمال» أمس أن «حقلي باي حسن وهافانا يخضعان الآن لحماية قوات الشرطة»، مشيرا الى أن «الإقليم سحب اليوم (أمس) قواته وجميع موظفيه من الحقلين الواقعين في قضاء الدبس» (50 كلم شمال غرب كركوك)، وتابع ان «تشغيل الحقلين غير مطروح الآن بسبب توقف التصدير». على صعيد آخر، قالت مصادر في حزب «الدعوة» ونواب في «ائتلاف دولة القانون» (كتلة المالكي)، بعد لقاءات مع المالكي إن «نتائج الإتصالات إيجابية ستساهم في الإسراع بتشكيل الحكومة». وكان جناح المالكي اصدر بيانا الليلة قبل الماضية، أكد فيه دعمه ترشيح العبادي «تلبية لرغبة المرجعية العليا»، وجاء في البيان : «بسبب الأوضاع الاستثنائية التي تمر بالبلاد والانعكاسات الخطيرة للخلافات السياسية على الوضع الامني والحياتي للمواطنين وعلى وحدة العراق ووجوده، خاطبت قيادة حزب الدعوة الاسلامية سماحة المرجع الأعلى السيد علي السيستاني، طالبة رؤية المرجعية للاسترشاد بها، وقد أجاب سماحته قيادة الحزب برسالة كريمة، فيها أن المرجعية العليا ترى ضرورة الإسراع في اختيار رئيس جديد للوزراء يحظى بقبول وطني واسع، وعند استلام الرسالة الجوابية قررت قيادة الدعوة فوراً الالتزام برأي المرجعية المباركة انطلاقا من متبنياتنا الشرعية والسياسية وخط سير الحزب وطرحت مرشحا جديداً لرئاسة الوزراء حسب رأي المرجعية العليا». وقال القيادي في الحزب النائب سعيد الحلي: «هناك حوارات ولقاءات مكثفة بين قيادات حزب الدعوة واعضاء دولة القانون يهدف للوصول الى رؤية مشتركة وتقريب وجهات النظر لتسهيل مهمة تشكيل الحكومة والخروج من الأزمة السياسية والأمنية التي تعيشها البلاد»، مؤكدا «تأييد اعضاء دولة القانون أي تفاهم، وذلك استجابة لرغبة المرجعية بانهاء حالة الانقسام والحفاظ على تماسك التحالف الوطني»، ولم يستبعد مشاركة «دولة القانون» في الحكومة كون الإئتلاف «جزءاً من التحالف». إلى ذلك، نفى عضو المكتب السياسي في حزب «الدعوة» صلاح عبد الرزاق في بيان « الأنباء التي اثيرت عن استبدال العبادي بمرشح اخر مقابل سحب المالكي الدعوى التي أقامها الأخير لدى المحكمة الاتحادية» ، وتوقع أن « يلتقي العبادي السيستاني قريبا». واوضح ان «ما اثير في مواقع التواصل الاجتماعي عن طرح قيادة حزب الدعوة إقتراحاً للخروج من الأزمة من خلال استبدال العبادي بمرشح اخر مقابل سحب المالكي شكواه لا أساس له من الصحة»، واعتبر ان» الموضوع برمته يهدف الى التشويش، خصوصاً أن المرجعية العليا أبدت دعما لرئيس الوزراء المكلف». وعلمت «الحياة» ان المالكي استقبل خلال الأيام الماضية عدداً من الوسطاء من حزبه لرأب الصدع مع العبادي ومنع أي انشقاق، واضطلع بالوساطة وزير التعليم العالي والبحث العلمي علي الاديب، ورئيس كتلة «الدعوة» في البرلمان النائب خلف عبدالصمد، كما التقى امس وفداً من «الدعوة - تنظيم العراق» الذي عرض عليه تولي منصب نائب رئيس الجمهورية واقناعه بالمشاركة في الحكومة الجديدة. و»لمس الوسطاء تراجعا في حدة مواقفه» ولم يستبعدوا ان «يرد على العروض خلال الأسبوع المقبل.