قالت مصادر ديبلوماسية غربية ل «الحياة» إن مفاوضات شاقة تجري بين الدول الغربية وروسيا بشأن التحضيرات المتعلقة بالمؤتمر الدولي الخاص بسورية وردم الفجوة بين الطرفين حول جدول أعماله ومدته والمشاركين فيه، مشيرة إلى أن واشنطن تدفع بقوة كي تشارك «شخصيات عسكرية وأمنية وسياسية رفيعة وذات صفة تمثيلية» في وفد الحكومة السورية. وأكدت المصادر أن الدول الغربية ما زالت «تعارض بقوة» مشاركة ايران في مؤتمر «جنيف-2» في مقابل تمسك روسي بحضورها لقناعتها بضرورة «إشراك جميع اللاعبين»، الأمر الذي فتح الباب على احتمال عقد لقاء تشاوري منفصل بمشاركة دول إقليمية وإيران في الفترة المقبلة. وأشارت إلى أن المؤتمر الدولي سيعقد في حدود منتصف الشهر المقبل، برعاية الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وحضور وزراء خارجية الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وأن الدعوة ستوجه إلى وزراء خارجية الدول المجاورة لسورية (الأردن، لبنان، العراق، وتركيا) وقطر والسعودية ومصر. وتابعت أن التفاهم الروسي الأميركي تضمن أن يقوم كل طرف بالعمل مع حلفائه لإقناعهم بالمشاركة في «جنيف-2»، بحيث تعمل موسكو على إقناع دمشق بإرسال وفدها إليه، في مقابل عمل واشنطن على تشكيل وفد معارض يضم أوسع تمثيل ممكن، الأمر الذي انعكس بسفر ديبلوماسيين اميركيين وبريطانيين وفرنسيين إلى إسطنبول لإقناع قادة «الائتلاف الوطني السوري» بتوسيعه وتشكيل وفد تفاوضي. لكنها أشارت إلى انه جرى الاتفاق لاحقاً على ضرورة «القبول المتبادل» لكل طرف لوفد الطرف الآخر. وقالت إن واشنطن طلبت من موسكو ضم شخصيات عسكرية وأمنية رفيعة المستوى إلى الوفد السوري، اضافة إلى وزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية والإعلامية في الرئاسة بثينة شعبان، بدلاً من القائمة الأخيرة التي قدمت إلى موسكو وضمت وزراء الإعلام عمران الزعبي والمصالحة علي حيدر والهلال الأحمر جوزف سويد. وأبدت المعارضة استعداداً لمشاركة رئيس أركان «الجيش الحر» اللواء سليم إدريس ومجموعة من العسكريين في وفد المعارضة الأمر الذي يعزز من جدية البحث عن «التسوية». وفيما اتفق الجانبان الروسي والأميركي على ضرورة أن يتضمن المؤتمر الدولي جلسة مفتوحة قبل إطلاق عملية تفاوضية عبر تنقل وفد المبعوث الدولي-العربي الأخضر الإبراهيمي بين الطرفين لتقريب وجهات النظر بين الجانبين، وعلى أن العملية التفاوضية ستتم من دون حصول وقف إطلاق النار بحيث يكون «تفاوض تحت النار»، فإن الخلافات لا تزال عميقة إزاء مواضيع عدة في مقدمها جدول أعمال المؤتمر. إذ تصر واشنطن وحلفاؤها على ضرورة أن يكون هناك «جدول أعمال واضح»، واقترحت إحدى الدول أن يناقش الوفدان الحكومي والمعارض مواضيع محددة مثل: تشكيل الحكومة الانتقالية وصلاحياتها، وقف إطلاق النار، المصالحة الوطنية، وإعادة الإعمار. في حين تقول موسكوودمشق بضرورة ترك موضوع جدول الأعمال إلى حين انعقاد المؤتمر بحيث يجري إقراره خلال التفاوض بعد افتتاح المؤتمر. وبرز خلاف آخر يتعلق بصلاحيات الحكومة الانتقالية التي ترى موسكو إمكانية أن تكون صلاحياتها «واسعة» بدلاً من الموقف الغربي بأن تكون «كاملة». وأشارت المصادر إلى أن دمشق تميل إلى اقتراح أن تكون صلاحيات «حكومة الوحدة الوطنية» المقرر تشكيلها «كافية»، الأمر الذي يعني أنها لا تشمل الجيش والأمن. كما ترفض دمشق اقتراحاً غربياً بضرورة «إعادة هيكلة» الجيش والأمن و»دمج» قوات «الجيش الحر» فيها. في حين، طالبت واشنطن ب»إعادة الهيكلة» وإدخال قادة «الجيش الحر» إلى القوات العسكرية وخضوعها للحكومة الانتقالية تمهيداً للانتقال لمحاربة مشتركة ل «الجهاديين» وفرض التسوية بدعم من قوات حفظ سلام دولية تشكل بقرار دولي في وقت لاحق. إضافة إلى ذلك، تسعى دول غربية وعربية مؤيدة للمعارضة إلى «وضع سقف زمني للتفاوض» بحيث لا يكون الهدف هو «التفاوض لأجل التفاوض وشراء الوقت». ونقلت المصادر عن مسؤولين روس قولهم إن دمشق أبلغتهم أن «العمليات العسكرية ستبقى قائمة خلال المفاوضات» وأن الجيش النظامي سيتوجه من مدينة القصير في ريف حمص وسط البلاد، إلى باقي ريف حمص وحماه في الوسط قبل استكمال عملياته في الشمال. وفي هذا المجال، قالت المصادر إن بريطانيا وفرنسا تدفعان إلى رفع الحظر الأوروبي عن بيع السلاح إلى سورية لإرسال رسالة إلى الحكومة ب «ضرورة التعاطي بجدية مع التفاوض» وإلى المعارضة بأن «التفاوض ليس نهاية المطاف في حال فشل مؤتمر جنيف». وفيما تعارض النمسا والسويد رفع الحظر لأن ذلك «يرسل إشارة سلبية لصدقية الحل السياسي قبل المؤتمر الدولي»، تقف ألمانيا وهولندا في الوسط بين الموقفين، وتطالبان ب «فعل شيء إزاء حظر السلاح وربطه بالحل السياسي ومؤتمر جنيف».