ساد مدينة طرابلس (شمال لبنان) نهار أمس، هدوء حذر فرضته المفاعيل الأولى للخطة الأمنية التي بدأ الجيش تنفيذها بعد ليلة دموية من الاشتباكات على محاور جبل محسن - باب التبانة استخدمت خلالها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وطاول القصف المدينة ما أدى إلى سقوط مزيد من الضحايا. وتمثلت المرحلة الأولى من خطة تعزيز مواقع الجيش، بالانتشار في جبل محسن على أن يستكمل الخطة في باب التبانة، ما أدى إلى بقاء محاور الاشتباكات رهينة القنص المتقطع والذي ادى الى مقتل مدني من آل القصار، فيما أعلن بعض مسؤولي محاور باب التبانة رفضهم دخول الجيش إلى المنطقة قبل توقيف المسؤول السياسي للحزب «العربي الديموقراطي» رفعت علي عيد في جبل محسن. وكان الأخير أكد في تصريح بعد انتشار الجيش في منطقته، الالتزام «بخطة الجيش وترك مهمة الرد على مصادر النيران له وليس نحن». وانطلقت تظاهرة نظمتها «الجماعة الإسلامية» من أمام مسجد المنصوري الكبير بعد صلاة الجمعة «دعماً للثورة السورية واستنكاراً لتدخل «حزب الله» في القتال في سورية ورفضاً للعبث بأمن المدينة. ورفع المشاركون الرايات السود والثورة السورية ولافتات منددة بما يحصل في طرابلس. وأحرقوا راية «حزب الله» وعلمي إيران وروسيا. وعبرت البعثة الدولية للصليب الأحمر عن «بالغ قلقها إزاء العواقب الإنسانية الناجمة عن العنف المسلح الجاري في طرابلس»، وقال رئيس البعثة في لبنان يورغ مونتاني: «العنف المسلح في منطقة مكتظة بالسكان مثل طرابلس يؤثر حتماً في أمن الأشخاص وسلامتهم»، داعياً «جميع الأطراف إلى السماح للمصابين بالوصول الفوري والآمن إلى المستشفيات وعدم إلحاق الأذى بالمدنيين والسماح لهم بمغادرة المناطق المتضررة». وحض «جميع الأطراف احترام شارة الصليب الأحمر». وفي السياق، أعلن رؤساء الحكومة في لبنان مجتمعين «تمسكهم بسياسة النأي بالنفس بشكل كامل وجدّي، وهي السياسة التي اطلقها لبنان واتبعها لتجنيبه الشرور والاخطار المحيطة به في المنطقة، وتحديداً تجاه ما تشهده سورية من ازمات وصراعات، والتمسك بإعلان بعبدا والالتزام بميثاق الجامعة العربية والقرارات الدولية المتصلة بلبنان، والتشديد على مبدأ عدم التدخل في شؤون الآخرين انطلاقاً من التزام مبدأ رفض تدخل الآخرين في لبنان». وعقد اجتماع في السراي الكبيرة امس شارك فيه الى جانب رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، الرؤساء عمر كرامي وفؤاد السنيورة (ممثلاً الرئيس سعد الحريري ايضاً) والرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام. وصدر عن المجتمعين بيان اكدوا فيه «التمسك ايضاً بأسس العيش المشترك ودعم المؤسسات الرسمية الشرعية الامنية والسياسية والحفاظ على هيبة الدولة واحترام سلطتها». وأكدوا تمسكهم «باتفاق الطائف وأهمية استكمال تطبيق بنوده كافة تطبيقاً سليماً على مختلف المستويات»، ورفضوا «انتشار المظاهر المسلحة الميليشيوية الخارجة عن القانون»، ودعوا «الاجهزة الامنية والقضائية الى وضع حد للإخلال بالأمن». وتوقفوا عند «الاوضاع المتدهورة في طرابلس وشجبوا الاحداث الامنية المرفوضة». واستنكروا «محاولات الاعتداء على الجيش الباسل»، وطالبوا ب «تطبيق خطة عاجلة توصلاً إلى أن تكون طرابلس مدينة منزوعة السلاح». وكان سلام هنأ في تصريح اللبنانيين بعيد المقاومة والتحرير، ورأى ان «المناسبة المباركة تدعونا الى التبصر في ما آلت اليه أمور بلدنا الغارق منذ سنوات في أزمات متوالدة وصلت الى مرحلة بالغة الدقة ولا بد ان يشكل ناقوس خطر للجميع بوجوب الاحتكام الى العقل والابتعاد عن لغة الشحن والعمل بجدية على تحصين الوطن وصون استقراره، واحترام القوانين والمؤسسات».