حذر الرئيس اللبناني ميشال سليمان من «تحويل لبنان مجدداً إلى ساحة لتصفية الحسابات»، مشدداً على «ضرورة إجراء الانتخابات وألا نجتهد كثيراً للتهرب من ذلك والتذاكي لتحقيق هذا الهدف». وأعلن من اليرزة مقر وزارة الدفاع وقيادة الجيش، «تفويض المجلس العسكري (عدد من أعضائه بلغوا سن التقاعد) بأعضائه الحاليين وبرئاسة قائد الجيش العماد جان قهوجي تولي شؤون المجلس مجتمعاً (كاملاً)»، مشدداً على «عدم السماح بحصول فراغ في المؤسسة العسكرية». وقال انه «لم يعد جائزاً اليوم القول إن الجيش معرض للانقسام، لأنه منيع وكذلك هي وحدته». وأكد سليمان في كلمة ألقاها أمام كبار الضباط، دعمه الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام «بشكل كامل لممارسة وطنية بعيدة عن الكيدية تتعلق فقط بمصلحة لبنان وحمايتها»، متمنياً على الجميع «أن يثقوا به، فلبنان لا يفيده وزير بالناقص أو وزير بالزائد بل الإرادة الطيبة لأداء جيد ومتوازن وعادل بين الجميع لمنع التفرد والكيدية». واستقبل سليمان في مبنى القيادة وزير الدفاع فايز غصن وقائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس الأركان اللواء الركن وليد سلمان. وفي غرفة عمليات قيادة الجيش، قال قهوجي إن وجود رئيس الجمهورية هنا «يؤكد للعسكريين والضباط أن السلطة السياسية تقف إلى جانبهم، وأنها تفعل ما يتوجب للحفاظ على المؤسسة العسكرية التي ضحت ولا تزال من أجل وحدة لبنان واستقلاله وسيادته». وجدد العهد، «باسم شهداء الجيش والجرحى والمعوقين من أبنائه، بأننا سنبقى جيشاً موحداً، وفياً في التزاماته. فنحن الوحيدون القادرون على حماية الوطن، من استهدافات الداخل والخارج، ولن نسمح بأي تطاول علينا يهدف إلى إخراجنا من المعادلة». وتوجه سليمان إلى كبار الضباط بالقول: «زيارتي لكم تأتي عشية عيد التحرير والمقاومة على رغم أن معاني المقاومة والتحرير لم تكتمل بعد، وللأسف يتزامن مع مرور سنة على خطف اللبنانيين في أعزاز، وقرابة شهرين على خطف المطرانين في سورية. من هنا نتوجه إلى الدول العربية كافة والدولة التركية الصديقة لبذل كامل الجهود المتاحة لديهم لتحرير هؤلاء المخطوفين الذين لا يساعد خطفهم أي قضية، بل يضر بسمعة الجهة الخاطفة». وتوقف عند «الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن جراء ما يحيط به من اضطرابات عدة». وحيا «أرواح الشهداء الذين سقطوا خلال الأسابيع الأخيرة، وجميع الشهداء الذين سقطوا في عرسال». وتوقف عند «النيران التي تشتعل لدى الشقيق السوري، فيما لا يزال الجرح في طرابلس نازفاً انعكاساً لما يجري في سورية، والذين يستشهدون في طرابلس وسورية هم من الشباب اللبناني والسوري ومن العائلات والأطفال». التقاتل معيب وإذ ذكر بأن لبنان «دفع ثمناً غالياً لديموقراطيته من خلال شبابه واقتصاده وبناه التحتية وهجرة الأدمغة، لأنه كان موجوداً في محيط غير ديموقراطي»، لفت إلى أن «لبنان يفتش عن قانون انتخابي. وللأسف يجد نفسه بين قانون مذهبي أو آخر بائد أو خيار التمديد. ولم نتعلم من الدروس التي جعلت من وطننا ساحة، واليوم نتيح وبإرادتنا المجال ليعود وطننا مجدداً ساحة أو نتقاتل في ساحة أخرى كساحة القصير أو أخرى داخلية كساحة طرابلس، ونكاد نتقاتل في ساحة صيدا. إن هذا معيب ويدل إلى أننا لم نعتبر من دروس الماضي. يجب علينا ألا ندفع ثمن ديموقراطية الآخرين فلنتمسك بديموقراطيتنا، وألا نجتهد كثيراً للتهرب من إجراء الانتخابات والتذاكي من أجل تحقيق هذا الهدف». وتوقف عند مسألة تأليف حكومة معتبراً أن «الأمر متعثر فيما كان التكليف سهلاً إذ منح 124 نائباً أصواتهم للرئيس المكلف الذي لم يفسح له المجال للتعبير عن وطنيته وحسن أدائه، فتم وضع الشروط والشروط المضادة من الجهات كافة. وأتمنى أن يثق الجميع برئيس الحكومة». ورأى أن «الأساس يكمن في معرفة كيفية حماية لبنان والحفاظ على استقراره الأمني والاقتصادي. نحمي لبنان أولاً بتطبيق القرار 1701 والتزام قرارات الشرعية الدولية التي نصت عليها مقدمة الدستور اللبناني، وثانياً، بإعلان بعبدا الذي توافقنا عليه في هيئة الحوار والذي ينص على الابتعاد عن سياسة المحاور والحياد عن تداعيات الأحداث التي تحصل ما عدا الإجماع العربي حول القضية الفلسطينية. وهذا الإعلان نال قبولاً واعتمد كوثيقة لدى المنظمات الدولية». واضاف: «ثم الاستراتيجية الدفاعية التي تقدمنا بها إلى هيئة الحوار ولم يفسح أمام مناقشتها والتوصل إلى قرار نهائي في شأنها. وهي وثيقة يمكن البناء عليها لتنظيم علاقة واضحة تصب في المصلحة الوطنية بين الجيش والمقاومة المدعومين من قبل معظم الشعب، شرط أن تكون هذه العلاقة منظمة وفق استراتيجية دفاعية وضعت تفصيلها، وتعتمد باختصار على تسليح الجيش وتجهيزه، على أن يستفاد من سلاح المقاومة بانتظار حصوله على العتاد اللازم، وذلك لدعم الجيش ووفقاً لحاجته وطلبه للتصدي للاعتداءات الإسرائيلية على الأرض اللبنانية، وعلى الأرض اللبنانية فقط، وتبعاً لقرار مركزي تتم مناقشة صيغة اتخاذه إما بقرار في مجلس الوزراء أو في المجلس الأعلى للدفاع أو بموجب قرار لرئيس الجمهورية بصفته القائد الأعلى للقوى المسلحة». وتحدث عن طرابلس «التي تنزف»، وقال: «على الجيش أن يحمي المواطن في طرابلس وفي صيدا ويدافع عن الحدود البرية ويمنع إدخال وإخراج الأسلحة والمسلحين، بالإضافة إلى مهمات أخرى كثيرة. وبعد كل تجربة يخرج الجيش أقوى بكثير من السابق، ولم يعد جائزاً اليوم القول إنه معرض للانقسام. ففي الماضي وعند كل اهتزاز أمني كان يقال إن الجيش سينقسم، وهذا ما لم يعد جائزاً اليوم، لأنه منيع وكذلك هي وحدته. إن ثقة المواطنين بالجيش كبيرة جداً، وهم يشكلون الغطاء السياسي والشعبي والشرعي له، وعلى السياسيين، والحكومات كونها تمثل إرادة الشعب، أن يؤمنوا الغطاء السياسي للجيش في كل تحركاته، ليس على قاعدة استعمال السياسيين له لتأمين الغطاء لأنفسهم. فالغطاء السياسي هو للجيش والحكومة ملزمة بتنفيذ إرادة الشعب وتشريع هذا الغطاء. ولكم مني الدعم الكامل. إن الآمال الكبيرة لا تزال معقودة على الجيش الذي يشكل العمود الفقري للمؤسسات». تسليح الجيش وأضاف قائلاً: «إني مدرك أنكم بحاجة إلى نحو خمسة بلايين دولار لتمكين الجيش من أداء مهماته، وهذا ليس بكثير»، مؤكداً «أن على الدولة الحفاظ على حقوق العسكريين الذين يسقط منهم الشهداء والجرحى». ورأى أن لبنان «للأسف لم يقطف ثمار التحرير، حررنا الأرض إلا أننا لم نحرر الإنسان، فالتبعية لا تزال موجودة والمذهبية تتعمم إلا في الجيش الذي لا أخاف عليه من أي كلام عن المذهبية، فليكف الجميع مسيحيين ومسلمين عن اتخاذ الجيش غطاء. وكيف يمكن لوطن أن يعطي مثالاً رائعاً بالمقاومة والتضحية فيما الاتجاه فيه يميل من جهة إلى تصرفات ومشاريع تعزز المذهبية من دون أن تحترم الكفاءة، وتعطل الآلية المدروسة للتعيينات، ومن جهة ثانية، إلى المحاصصة؟». ونبه إلى أن «معاني المقاومة أعلى وأسمى من أن تغرق في رمال الفتنة، إن في سورية، أو في لبنان، أكان ذلك لدى شقيق أم صديق. والأمل لا يزال كبيراً بالمبادئ التي يعتنقها الجيش ومعاني المقاومة السامية التي حاربت وحررت من أجل قضية وطنية قومية بكامل أبعادها، وخصوصاً أننا بتنا منذ خمس سنوات ندير شؤوننا بأنفسنا. وأملي كبير جداً أن نشهد نتائج سريعة بعد الانتخابات ويحل 24 أيار (مايو) المقبل ويكون آخر يوم لي في الرئاسة فآتي للاحتفال بنهاية الولاية هنا».