قال مسؤولون أميركيون إن الولاياتالمتحدة تعرّفت على خمسة أشخاص يمكن أن يكونوا مسؤولين عن الهجوم الذي استهدف بعثتها في بنغازي بشرق ليبيا العام الماضي، وإن لديها ما يكفي من الأدلة لتبرير توقيفهم باستخدام القوة العسكرية بوصفهم إرهابيين مشتبهاً فيهم. لكنهم أضافوا إن ليس لدى الولاياتالمتحدة أدلة كافية تسمح بمحاكمتهم أمام محكمة مدنية أميركية، بحسب ما ترغب إدارة باراك أوباما. وما زال الخمسة طلقاء ريثما يجمع مكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي) الأدلة. لكن التحقيق في هجوم بنغازي تباطأ بسبب خفض مستوى الوجود الاستخباراتي الأميركي في المنطقة في أعقاب الهجوم الذي وقع في 11 أيلول (سبتمبر) 2012، وأيضاً بسبب القدرة المحدودة على المساعدة من قوات حفظ القانون ووكالات الاستخبارات في ليبيا ما بعد الثورة. وقرار عدم استخدام القوة العسكرية لتوقيف الخمسة يدل على هدف البيت الأبيض في الابتعاد عن اصطياد الإرهابيين بوصفهم «مقاتلين أعداء» ونقلهم إلى السجن العسكري في خليج غوانتانامو بكوبا. وتفضّل الإدارة حالياً عملية يتم بموجبها توقيف ومحاكمة أشخاص على أيدي الدول التي يتم اعتقالهم فيها، أو توقيفهم من الأجهزة الأميركية بالتعاون مع الدول التي يوجدون على أرضها ثم نقلهم إلى الولاياتالمتحدة لمحاكمتهم أمام النظام القضائي الجنائي. كما أن استخدام القوة لتوقيف المطلوبين يمكن أن يؤذي العلاقات التي يتم بناؤها مع ليبيا وحكومات دول «الربيع العربي» التي تريد الولاياتالمتحدة بناء شراكات معها لمطاردة تنظيم «القاعدة» الذي يحاول مد نشاطه في دول المنطقة. وقال مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية إن مكتب ال «أف بي آي» حدد هوية عدد من الأشخاص الذين يعتقد أن لديهم معلومات أو يمكن أن يكونوا متورطين في هجوم بنغازي، وإنه يدرس الخيارات المتاحة أمامه لجلب المتورطين أمام القضاء. لكن القيام بعمل ضدهم في شرق ليبيا سيكون صعباً. وستأخذ الولاياتالمتحدة في الاعتبار علاقتها مع ليبيا في إطار درسها للخيارات المتاحة أمامها. وكان المسؤول الأميركي يتحدث بشرط عدم كشف اسمه لأنه غير مخوّل التحدث علناً عن جهود توقيف الخمسة. وامتنعت السفارة الليبية في واشنطن عن الرد على طلبات عدة للحصول منها على تعليق. والانتظار ريثما يتم جلب المشتبه بهم أمام القضاء بدل القيام بجلبهم عنوة يمكن أن يزيد من الثقل السياسي الذي تحمله قضية هجوم بنغازي الذي راح ضحيته السفير كريس ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين. وينتقد جمهوريون في الكونغرس تعامل الإدارة الديموقراطية مع هذا الملف، ويشكون من ضعف إجراءات الأمن حول البعثة الديبلوماسية الأميركية، كما ينتقدون إيحاء السفيرة الأميركية لدى الأممالمتحدة سوزان رايس أن الهجوم على قنصلية بنغازي كان عملاً تلقائياً خلال احتجاجات على فيلم مسيء للإسلام. ووزّع مكتب التحقيقات الفيديرالي في وقت سابق هذا الشهر صور ثلاثة أشخاص من بين الخمسة المشتبه فيهم، وطلب من الشعب الليبي تقديم معلومات عنهم. وصور الثلاثة مأخوذة من كاميرات مراقبة أمنية في البعثة الأميركية خلال الهجوم الذي استهدفها، لكن ال «أف بي آي» احتاج إلى أسابيع بعد الهجوم كي يحصل على الصورة ويدرسها. كما احتاج ال «أف بي آي» إلى ثلاثة أسابيع بعد الهجوم كي يتمكن من زيارة ليبيا نتيجة «مشاكل أمنية»، لكن مسؤولين ليبيين قاموا خلال تلك الفترة بأخذ الكاميرات ونقلوها من بنغازي إلى السفارة الأميركية في طرابلس. وتمكن مكتب التحقيقات الفيديرالي وأجهزة استخباراتية أميركية أخرى من تحديد الأشخاص المشتبه فيهم من خلال مصادر في ليبيا ومن خلال مراقبة اتصالاتهم. ويُعتقد أن هؤلاء أعضاء في جماعة «أنصار الشريعة» الميليشيا الليبية المسلحة التي شوهد مقاتلوها قرب مقر البعثة الأميركية في بنغازي قبل بدء أحداث العنف. وقال مسؤولون أميركيون إن ال «أف بي آي» لديه دليل على أن الخمسة إما كانوا في موقع الهجوم الأول الذي تعرضت له القنصلية وإما أنهم متورطون بطريقة ما في الهجوم بسبب رصد اتصالات لواحد على الأقل منهم يتفاخر بأنه شارك في ما حصل. كما أن بعض المشتبه فيهم الخمسة كان على اتصال بشبكة من الجهاديين المعروفين في المنطقة وبينهم تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. وقال مسؤولون أميركيون إن الولاياتالمتحدة قررت أن الدليل المتوافر لديها الآن يكفي للقيام بعملية عسكرية لاعتقال الأشخاص واستجوابهم، لكنه لا يكفي لتوقيفهم أمام قضاء مدني أو لشن غارة بطائرة بلا طيار ضدهم. لكن الولاياتالمتحدة تبقيهم تحت المراقبة، غالباً من خلال وسائل إلكترونية. وكانت الولاياتالمتحدة تخشى أنهم يمكن أن يخافوا ويختبئوا، لكنهم حتى الآن وعلى رغم نشر صورهم لا يلجأوا إلى الاختباء. ويأمل بعض المسؤولون الأميركيين بأن يتمكن المحققون من الحصول على خدمات ليبي مستعد للشهادة ضد المشتبه فيهم أمام القضاء الأميركي. الى ذلك (أ ف ب)، نقلت وكالة الأنباء الليبية عن مصدر أمني أن وحدة خاصة في الجيش الليبي اعتقلت مساء الثلثاء في بنغازي مجموعة مسلحة وبحوزتها متفجرات. وأشار المصدر إلى أن «اشتباكات جرت مع المجموعة المسلحة خلال مداهمة أدت إلى إصابة أحد أفراد المجموعة»، لافتاً إلى أنه «تم ضبط 220 لغماً مضاداً للدروع ومعدات لصناعة المتفجرات». على صعيد آخر (رويترز)، قالت ثلاثة مصادر بصناعة النفط إن محتجين يطالبون بالحصول على وظائف أغلقوا خط أنابيب ينقل النفط الخام إلى مرفأ الزويتينة في شرق ليبيا وذلك بعد أيام فقط من إعادة تشغيل الميناء إثر تظاهرات مماثلة. وتسبب ذلك في توقف الإمدادات إلى المرفأ منذ الثلثاء في أحدث انتكاسة تتعرض لها أهم صناعة في الاقتصاد الليبي والتي عادت بالإنتاج إلى مستويات ما قبل حرب 2011 عند حوالي 1.6 مليون برميل يومياً. وقال مهندس بمرفأ الزويتينة إن المحتجين وهم من قبائل محلية قد أغلقوا الخط احتجاجاً على استبعادهم من اتفاق أبرم في شباط (فبراير) لإنهاء احتجاجات استمرت ستة أسابيع للمطالبة بوظائف في الشركة.