ذكر تقرير بريطاني أن البنوك الأجنبية تخوض منافسة قوية للحصول على موطئ قدم في السوق المصرفي التركي، مرجعاً ذلك إلى تحقيق تركيا معدلات نمو قوية وتمتع القطاع المصرفي فيها بالمتانة وقدرته على تجاوز الأزمات التي عصفت به في السنوات الماضية. وقالت مجلة "ذي إيكونومست" البريطانية في تقرير لها أن البنك الصناعي التجاري الصيني، أكبر بنك في العالم، حاول مجددا أن يحصل على موطئ قدم في السوق التركية عبر شراء مصرف "الترناتيف بنك" التركي، Alternative Bank، كما استطاع البنك التجاري القطري أن يشتري حصة رئيسية نسبتها 71 في المئة في "الترناتيف بنك" مقابل 460 مليون دولار. ويذكر التقرير أن البنك الصناعي التجاري الصيني أصبح قريبا من الاستحواذ على "تكستيل بنك"، Tekstilbank، الذي تم طرحه للبيع في اذار/مارس الماضي، مشيرا إلى أن جهود البنك الصيني للتواجد في تركيا تعكس أن الأصول المصرفية التركية أصبحت نشطة، حيث تضاعفت العروض على مدى العام الماضي لشراء حصص في البنوك التركية، والتي استطاعت أن تتجاوز الأزمات التي عصفت بها في مطلع عام 2000 وأنها تتمتع بالقوة حاليا. ويشير تقرير "ذي إيكونومست" إلى أن تركيا واحدة من الدول القليلة بأوروبا التي تسجل نموا اقتصاديا، موضحا أن مدينة إسطنبول، المركز التجاري في تركيا، تبذل جهودا لتصبح مركزا ماليا كبيرا، لتكون نسخة من "كناري وارف" التي يجري بناؤها على الجانب الآسيوي من مضيق البوسفور. وتوقعت "مؤسسة ستاندرد أند بورز" منتصف الشهر الجاري أن يشهد الاقتصاد التركي نمواً بنسبة 4 في المئة مع نهاية عام 2014 في ظل زيادة صادراتها العالمية في السنوات العشر الماضية وخاصة الموجهة لمنطفة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وقال مايكل سيكس، مدير "مؤسسة ستاندرد أند بورز" المعنية بالبحوث الاقتصادية والمالية، إن تركيا نجحت في السنوات الماضية في جذب رؤوس الأموال إليها، وهو الأمر الذي ساعد المصرف المركزي التركي في تحقيق الاستقرار، في الوقت التي واجهت فيه اقتصادات أخرى مخاطر الانهيار. ويذكر تقرير ذا "إيكونومست" كذلك أن البنوك الأجنبية التي تفكر في التواجد داخل السوق التركية، تحاول أن تستفيد من متاعب عدد من البنوك الأوروبية والأميركية، التي استثمرت في البنوك التركية قبل حوالى 10 أعوام والتي تبيع أصولها التي تعاني اضطرابات مالية، مشيرا إلى أن مجموعة "سيتي غروب" الأميركية العملاقة، التي تخلصت من حصتها البالغة 20 في المئة في "آق بنك"، Akbank، أكبر البنوك التركية، في كانون الاول/ديسمبر الماضي. وذكر التقرير أن المشاكل التي تضرب اليونان، جعلت بعض فروعها البنكية في تركيا مطروحة على قائمة البيع، ففي كانون الأول الماضي أيضاً، اشترى بنك "برقان" الكويتي "يورو بنك تيكفين" من "يورو بنك إي إف جي" مالكه البنك اليوناني الذي يعاني اضطرابات. ويُعتقد أن البنك اليوناني الوطني يتعرض لضغوط لبيع مصرف "فاينانس بنك" التركي، Finance Bank، رغم أنه يقول إنه لن يتخلى عنه باعتباره "جوهرة". ويرى التقرير البريطاني أن من شأن بيع "فاينانس بنك" أن يهز القطاع المصرفي في تركيا الذي يشهد حالة تركز عالية نسبيا (أكبر 10 بنوك تستحوذ على 83 في المئة من أصول الإقراض). ومن شأنه ايضا أن يضع البنك المشتري في قمة البنوك العشرة بتركيا، حيث أن مصرف "فاينانس بنك" هو ثامن أكبر بنك في تركيا، وحقق أرباحا عالية ويتلقى الكثير من الودائع مقارنة بمنافسيه. ويضيف تقرير "ذي إيكونومست" أنه حتى لو لم يتم بيع مصرف "فاينانس بنك"، فإن البنوك الحالية بحاجة إلى توخي الحذر، فمصرف "سبيربنك"، Sberbank، أكبر المصارف الروسية، أحد البنوك الوافدة الجديدة، يتحيّن الفرصة لمواجهة البنوك الخمس الكبرى في تركيا. ففي أيلول/سبتمبر الماضي، اشترى البنك الروسي "دينزبنك"، Denizbank"، عاشر أكبر بنك في تركيا، من البنك البلجيكي "ديكسيا" الذي يعاني ضائقة مالية. كما اشترى المصرف الروسي 22 فرعاً للتجزئة المصرفية من "سيتي بنك"، ويبدو أن المصرف الروسي يسعى للاستحواذ على حصة في السوق المصرفي التركي من خلال حملات نشطة لتقديم قروض وجذب الودائع والعملاء. وتذكر "ذي إيكونومست" أن مصرف "يونيكريديت" الإيطالي، Unicredit، في وضع أفضل للتأثير في السوق التركية. ففي 2006، استحوذت شركة "كوتش للخدمات المالية"، مشروع مشترك بين "يونيكريديت" مع "كوتش هولندجز"، وهي مجموعة تركية عملاقة، على مصرف "يابي كريدي"، خامس أكبر بنك في تركيا. وقال مصدر في "يونيكريديت" إن الجمع بين المهارات المصرفية التي يتمتع بها البنك الإيطالي ومعرفة "كوتش هولدنجز" في السوق المحلية حقق هدفه، على رغم أن آخرين يشككون في ما إذا كان صنع القرار المشترك يسير على نحو سلس. واستفاد بنك "اتش أس بي سي" البريطاني، HSBC، ومجموعة أي أن جي المصرفية الهولندية، ING، من شراء بنوك متوسطة الحجم قبل بدء الموجة الأخيرة من عمليات الاستحواذ. واستحوذ المصرف البريطاني على "ديميربنك"، Demirbank، في 2001، والمجموعة الهولندية على مصرف"اوياك بنك"، Oyak Bank، في 2007. ويرى التقرير أن الاستحواذ على مثل هذه الأصول قد يكون أكثر تكلفة اليوم. فقبل عامين، قرر بنك "عودة"، Audi، أكبر بنك في لبنان، أن يكون البنك الذي يقدم خدماته بأقل رسوم في تركيا. وتقدّم بطلب للحصول على رخصة مصرفية، هي الأولى التي سيتم منحها منذ 10 أعوام، وبدأ في شهر أيلول/سبتمبر الماضي العمل تحت اسم "اوديا بنك"، Odea Bank، وتبلغ محفظة قروضه 4 بلايين دولار، كما أنشأ 17 فرعا في تركيا. ويرى التقرير أن شراء البنوك في تركيا لا يخلو من "المخاطر"، حيث أن لديها تاريخاً من الازدهار والكساد، على رغم أن سياستها الاقتصادية كانت أكثر حذرا في الآونة الأخيرة، فقد وضعت الحكومة بأنقرة قيودا على الإقراض كما حدّت من ارتفاع العجز في الحساب الجاري. ويذكر أن احتدام المنافسة المتزايدة بين البنوك لزيادة حصتها السوقية ، يمكن أن يسبب بعض الاضطرابات ، كما ذكر صندوق النقد الدولي في تقرير حديث. ويقول التقرير إنه مقارنة بحالة عدم اليقين في منطقة اليورو التي تضربها الأزمات، فإن المخاطر والمكافآت في السوق المصرفي بتركيا تبدو واضحة. وكانت وكالة "ستاندرد أند بورز" للتصنيف الائتماني الدولية، قد رفعت في نيسان/أبريل الماضي تصنيف 6 بنوك تركية من الدرجة "بي بي"، إلى الدرجة "بي بي موجب"، بعد رفعها تصنيف البلاد إلى الدرجة ذاتها في 27 مارس/آذار الماضي. وأعلنت الوكالة رفع تصنيف البنوك التركية، بنك "العمل" وبنك "الضمان" (غرانتي) وبنك "أتش أس بي سي" وبنك "وقف ويابي كريدي" وبنك "التأجير غرانتي" المالي. وقالت الوكالة إنها تتوقع مواصلة البنوك التركية القوية تقديم الأداء العالي المعهود لديها، مشيرة إلى أن ارتفاع تصنيف البنوك التركية مرتبط في شكل وثيق بارتفاع تصنيف البلاد.